الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              باب جعفر

                                                              327 - جعفر بن أبي طالب، يكنى أبا عبد الله [بابنه عبد الله] ، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم [بن عبد مناف] .

                                                              كان جعفر أشبه الناس خلقا وخلقا برسول الله صلى الله عليه وسلم،  وكان جعفر أكبر من علي رضي الله عنهما بعشر سنين، وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين. وكان جعفر من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة ، وقدم منها على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر ، فتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم واعتنقه وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا، أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر ؟ وكان قدوم جعفر وأصحابه من أرض الحبشة في السنة السابعة من الهجرة، واختط له رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد، ثم غزا غزوة مؤتة،  وذلك سنة ثمان من الهجرة، فقتل فيها رضي الله عنه.

                                                              قال الزبير: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان من الهجرة، فأصيب بها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وقاتل فيها جعفر حتى قطعت يداه جميعا ثم قتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، فمن هنا قيل له جعفر ذو الجناحين [ ص: 243 ] .

                                                              وذكر ابن أبي شيبة عن يحيى بن آدم، عن قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن سالم بن أبي الجعد قال: أري النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جعفر بن أبي طالب ذا جناحين مضرجا بالدم.  

                                                              وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: وجدنا ما بين صدر جعفر بن أبي طالب ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح.

                                                              وقد روي أربع وخمسون جراحة، والأول أثبت، ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها في زوجها جعفر، ودخلت فاطمة رضي الله عنها وهي تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله صلى الله عليه: على مثل جعفر فلتبك البواكي. حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن نافع بن عجير عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي يا جعفر . . .  في حديث ذكره.

                                                              وأخبرنا عبد الوارث قال: حدثنا قاسم، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا خلف بن الوليد، قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ [بن هانئ] عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أيوب، [ ص: 244 ] حدثنا محمد بن عمرو البزار، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبيد الله الحنفي، حدثنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت البارحة الجنة فإذا فيها جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة مع أصحابه. وذكر عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن جدعان عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل لي جعفر، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة في خيمة من در،  كل واحد منهم على سرير، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدود، ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود، قال: فسألت أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت أعرضا، أو كأنهما صدا بوجههما، وأما جعفر فإنه لم يفعل. حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا ابن الورد، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا علي بن خشرم، قال: سمعت سفيان بن عيينة يحدث عن مجالد عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: كنت إذا سألت عليا شيئا فمنعني فقلت له: بحق جعفر أعطاني.

                                                              حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا ابن شعبان حدثنا أحمد بن شعيب، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد عن عكرمة عن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، [ ص: 245 ] وجعفر أول من عرقب فرسا في سبيل الله، نزل يوم مؤتة إذ رأى الغلبة، فعرقب فرسه، وقاتل حتى قتل. قال الزبير بن بكار: كانت سن جعفر بن أبي طالب يوم قتل  إحدى وأربعين سنة.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية