الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              4099 - ميمونة بنت الحارث الهلالية ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، هي ميمونة [ ص: 1915 ] بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر ابن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر .

                                                              أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة من حمير . وقيل : من كنانة على ما ذكرنا في باب أسماء بنت عميس ، وأخوات ميمونة لأبيها وأمها :

                                                              أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن زوج العباس بن عبد المطلب ، ولبابة الصغرى بنت الحارث [زوج الوليد بن المغيرة المخزومي ، ] هي أم خالد بن الوليد . وعصماء بنت الحارث كانت تحت أبي بن خلف الجمحي ، فولدت له أبان وغيره ، وعزة بنت الحارث بن حزن كانت تحت زياد بن عبد الله بن مالك الهلالي ، فهؤلاء أخوات ميمونة لأب وأم . وأمهن هند بنت عوف .

                                                              وأخوات ميمونة لأمها أسماء بنت عميس ، كانت تحت جعفر بن أبي طالب ، فولدت له عبد الله ، وعونا ، ومحمدا ، ثم خلف عليها أبو بكر الصديق ، فولدت له محمدا ، ثم خلف عليها علي بن أبي طالب ، فولدت له يحيى . وقد قيل : إن أسماء بنت عميس كانت تحت حمزة . قيل : ولا يصح . وسلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء ، كانت تحت حمزة بن عبد المطلب ، فولدت له أمة الله بنت حمزة ، ثم خلف عليها بعده شداد بن أسامة بن الهادي الليثي ، فولدت له عبد الله ، وعبد الرحمن ، وسلامة بنت عميس أخت أسماء وسلمى كانت تحت عبد الله بن كعب بن منبه الخثعمي . وزينب بنت خزيمة أخت ميمونة لأمها . وكان اسم ميمونة برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة [ ص: 1916 ] .

                                                              حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير بن أبي خيثمة ، قال : حدثنا عاصم بن يوسف ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة ، قال : سمعت كريبا أبا رشدين يحدث عن ابن عباس قال : كان اسم ميمونة برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة .

                                                              وكذلك روى عطاء ابن أبي ميمونة ، عن ابن رافع ، عن أبي هريرة . وأما جويرية فلم يختلفوا أن اسمها كان برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية ، من حديث ابن عباس وغيره .

                                                              وقال أبو عبيدة : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر توجه إلى مكة معتمرا سنة سبع ، وقدم عليه جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة ، فخطب عليه ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وكانت أختها لأمها أسماء بنت عميس عند جعفر ، وسلمى بنت عميس عند حمزة ، وأم الفضل عند العباس ، فأجابت جعفر بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلت أمرها إلى العباس ، فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رجع بنى بها بسرف حلالا ، وكانت قبله عند أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي . وقال : يقال ابن عبد سبرة بن أبي رهم ، قال : وماتت بسرف . هذا كله قول أبي عبيدة .

                                                              وقال عبيد الله بن محمد بن عقيل : كانت ميمونة قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند حويطب بن عبد العزى . وقال عقيل ، عن ابن شهاب : كانت تحت أبي رهم ابن عبد العزى . قال ابن شهاب : وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 1917 ] وكذلك قال قتادة ، قال : وفيها نزلت : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي . الآية . قال قتادة : وكانت قبله عند فروة بن عبد العزى بن أسد بن غنم بن دودان ، هكذا قال قتادة ، وهو خطأ ، والصواب ما تقدم ذكره في زوجها أنه من بني عامر ، وقد غلط أيضا قتادة في نسبها ، فقال : ميمونة بنت الحارث بن فروة ، وإنما هي ميمونة بنت الحارث بن حزن عند جميعهم غيره ، وقول ابن شهاب الصواب ، والله أعلم .

                                                              وذكر موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل - يعني من عام الحديبية - معتمرا في ذي القعدة سنة سبع ، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام ، فلما بلغ موضعا ذكره بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، فخطبها عليه جعفر ، فجعلت أمرها إلى العباس ، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .  

                                                              وذكر سنيد ، عن زيد بن الحباب ، عن ابن أبي معشر ، عن شرحبيل بن سعد ، قال : لقي العباس بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين اعتمر عمرة القضية ، فقال له العباس : يا رسول الله ، تأيمت ميمونة بنت الحارث بن حزن بن أبي رهم بن عبد العزى ، هل لك في أن تزوجها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، فلما أن قدم مكة أقاما ثلاثا ، فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه من أهل مكة ، فقال : يا محمد ، اخرج عنا ، اليوم آخر شرطك . فقال : دعوني أبتني بامرأتي ، وأصنع لكم طعاما ، فقال :

                                                              لا حاجة لنا بك ولا بطعامك ، اخرج عنا ، فقال له سعد : يا عاض بظر أمه أرضك وأرض أمك! نحن دونه ، لا يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 1918 ] إلا أن يشاء . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهم فإنهم زارونا لا نؤذيهم . فخرج فبنى بها بسرف .


                                                              قال أبو عمر : اختلف الفقهاء وأهل السير في حال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عقد نكاحه مع ميمونة ، وقد أوضحنا ذلك في كتاب « التمهيد» والحمد لله .

                                                              حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا جعفر بن برقان ، قال :

                                                              أخبرني ميمون بن مهران ، قال : سألت صفية بنت شيبة ، فقالت : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة ، وبنى بها بسرف .

                                                              قال أبو عمر : وتوفيت ميمونة بسرف في الموضع الذي ابتنى بها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك سنة إحدى وخمسين . وقيل : توفيت بسرف سنة ست وستين . وقيل : توفيت سنة ثلاث وستين بسرف ، وصلى عليها ابن عباس ، ودخل قبرها هو ، ويزيد بن الأصم ، وعبد الله بن شداد بن الهادي ، وهم بنو أخواتها ، وعبيد الله الخولاني ، وكان يتيما في حجرها .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية