كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين وكان على الميسرة يوم النهروان، ولما ولى معاوية زيادا العراق وما وراءها، وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر خلعه حجر ولم يخلع وتابعه جماعة من أصحاب معاوية، وشيعته، وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه، فكتب فيه علي زياد إلى فأمره أن يبعث به إليه، فبعث إليه مع معاوية وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا، كلهم في الحديد، فقتل منهم ستة، واستحيا ستة، وكان حجر ممن قتل، فبلغ ما صنع بهم معاوية زياد إلى أم المؤمنين، فبعثت إلى عائشة معاوية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه! فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال : أين عزب عنك حلم لمعاوية أبي سفيان في حجر وأصحابه؟ ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عني مثلك من قومي .
[ ص: 330 ]
قال: والله لا تعدلك العرب حلما بعدها أبدا، ولا رأيا. قتلت قوما بعث بهم إليك أسارى من المسلمين. قال: فما أصنع؟ كتب إلي فيهم زياد يشدد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون علي فتقا لا يرقع.
ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على فكان أول ما بدأته به قتل عائشة، حجر في كلام طويل جرى بينهما، ثم قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا.
والموضع الذي قتل فيه ومن قتل معه من أصحابه يعرف حجر بن عدي بمرج عذراء .
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا قال: حدثنا عبد الله بن يونس، بقي، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن علية ابن عون، عن قال: كان نافع، في السوق فنعي إليه ابن عمر حجر، فأطلق حبوته وقام وقد غلب عليه النحيب.
حدثنا حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن عمر، أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: حدثنا قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، سعيد بن عامر، قال: حدثنا عن هشام بن حسان، أن محمد بن سيرين: لما أتي معاوية بحجر بن الأدبر قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ اضربوا عنقه. قال: فلما قدم للقتل قال: دعوني أصلي ركعتين. فصلاهما خفيفتين، [ ص: 331 ] ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما، والله لئن كانت صلاتي لم تنفعني فيما مضى ما هما بنافعتي، ثم قال لمن حضر من أهله: لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دما، فإني ملاق على الجادة. معاوية
حدثنا خلف، حدثنا عبد الله ، حدثنا أحمد، حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا قال حدثنا ابن المبارك، عن هشام بن حسان، أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما محمد بن سيرين. خبيب وحجر، وهما فاضلان.
قال أحمد: وحدثنا قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، يوسف بن يعقوب الواسطي وأثنى عليه خيرا، قال: حدثنا قال: حدثنا عثمان بن الهيثم، قال: سمعت مبارك بن فضالة، الحسن يقول - وقد ذكر وقتله معاوية حجرا وأصحابه: ويل لمن قتل حجرا وأصحاب حجر، قال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك أن حجرا كان مستجاب الدعوة؟ قال: نعم، وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن قال: لما حج أبي سعيد المقبري جاء إلى معاوية المدينة زائرا، فاستأذن على رضي الله عنها، فأذنت له، فلما قعد قالت له: يا عائشة أمنت أن أخبئ لك من يقتلك بأخي معاوية، محمد بن أبي بكر؟ فقال: بيت الأمان دخلت. قالت: يا أما خشيت الله في قتل معاوية، حجر وأصحابه؟ قال: إنما قتلهم من شهد عليهم.
[ ص: 332 ]
وعن قال: سمعت مسروق بن الأجدع، أم المؤمنين تقول: أما والله لو علم عائشة أن عند أهل معاوية الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجرا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقها، ولله در لبيد حيث:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب لا ينفعون ولا يرجى خيرهم
ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
ولما بلغ من الربيع بن زياد الحارثي بني الحارث بن كعب، وكان فاضلا جليلا، وكان عاملا على لمعاوية خراسان، وكان الحسن بن أبي الحسن كاتبه، فلما بلغه قتل معاوية دعا الله عز وجل، فقال: اللهم إن كان حجر بن عدي للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل، فلم يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان قتل معاوية لحجر بن عدي بن الأدبر سنة إحدى وخمسين.