أبو أسامة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود [بن امرئ القيس بن النعمان بن عمران بن عبد عوف] [ابن عوف] بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة [بن مالك بن عمرو بن مرة بن مالك بن حمير بن سبإ بن يشحب بن يعرب بن قحطان]، هكذا نسبه وغيره، وربما اختلفوا في الأسماء وتقديم بعضها على بعض، وزيادة شيء فيها. ابن الكلبي
قال وأم ابن الكلبي: زيد سعدى بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن من طي [ ص: 543 ] .
وكان يقول: ابن إسحاق زيد بن حارثة بن شرحبيل، ولم يتابع على قوله شرحبيل، وإنما هو شراحيل.
كان زيد هذا قد أصابه سباء في الجاهلية، فاشتراه في حكيم بن حزام سوق حباشة، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم فوهبته لخديجة بنت خويلد، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك، هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار وغيرهم. وابن الكلبي
ما كنا ندعو عبد الله بن عمر: إلا زيد بن حارثة حتى نزلت: زيد بن محمد، ادعوهم لآبائهم . قال
ذكر عن الزبير، عن المدائني، عن ابن الكلبي، جميل بن يزيد الكلبي، وعن أبي صالح، عن - وقول ابن عباس جميل أتم - قال خرجت سعدى بنت ثعلبة أم زيد بن حارثة، وهي امرأة من بني طي تزور قومها، وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية، فمروا على أبيات معن - رهط أم زيد، فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة، فوافوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خويلد لعمته بأربعمائة درهم، فلما تزوجها [ ص: 544 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، فقبضه. وقال أبوه خديجة بنت خويلد حارثة بن شراحيل - حين فقده:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحى يرجى أم أتى دونه الأجل فو الله ما أدري وإن كنت سائلا
أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل تذكرنيه الشمس عند طلوعها
وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل وإن هبت الأرواح هيجن ذكره
فيا طول ما حزني عليه ويا وجل سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا
ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل حياتي أو تأتي علي منيتي
وكل امرئ فان وإن نمره الأجل سأوصي به عمرا وقيسا كليهما
وأوصي يزيد ثم من بعده جبل
أحن إلى قومي وإن كنت نائيا فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسبرة كرام معد كابرا بعد كابر
يا بن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه. قال: ومن هو؟ قالوا: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا غير ذلك! قالوا: وما هو؟ قال: أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا. زيد بن حارثة.
قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت. فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم.
قال: من هذا؟ قال: هذا أبي. وهذا عمي. قال: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما. قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك، وعلى أهل بيتك! قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا.
ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: يا من حضر. اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي حتى جاء الإسلام فنزلت: زيد بن محمد، ادعوهم لآبائهم . فدعي يومئذ ودعي الأدعياء إلى آبائهم، فدعي زيد بن حارثة، وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن عمرو، لأن المقداد بن الأسود، الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه [ ص: 546 ] .
وذكر في جامعه، عن معمر قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل الزهري قال زيد بن حارثة. وما أعلم أحدا ذكره غير عبد الرزاق: الزهري.
قال قد روي عن أبو عمر: من وجوه أن أول من أسلم الزهري وشهد خديجة، زيد بن حارثة بدرا، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته فولدت له أم أيمن، وبه كان يكنى، وكان يقال أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لزيد بن حارثة - أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتق. زيد بن حارثة أحب الناس إلي من أنعم الله عليه وأنعمت عليه - يعني
وقتل زيد بن حارثة بمؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة، وهو كان كالأمير على تلك الغزوة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فقتلوا ثلاثتهم في تلك الغزوة. لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي فعبد الله بن رواحة، جعفر بن أبي طالب وزيد ابن حارثة بكى وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي. حدثنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جيرون، حدثنا حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، حدثنا ابن معين، يحيى ابن عبد الله بن بكير المصري، حدثنا قال: الليث بن سعد، بلغني أن زيد ابن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف اشترط عليه الكري أن ينزله حيث شاء. قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل. فنزل، فإذا في الخربة [ ص: 547 ] قتلى كثيرة. فلما أراد أن يقتله قال له: دعني أصلي ركعتين، قال: صل.
فقد صلى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا. قال: فلما صليت أتاني ليقتلني. قال: فقلت: يا أرحم الراحمين. قال: فسمع صوتا لا تقتله. قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب فلم ير شيئا، فرجع إلي، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد، في رأسها شعلة من نار، فطعنه بها. فأنفذه من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال لي: لما دعوت المرة الأولى يا أرحم الراحمين كنت في السماء السابعة، فلما دعوت في المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت في السماء الدنيا، فلما دعوت في المرة الثالثة يا أرحم الراحمين أتيتك.