الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              866 - الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم البهدلي السعدي التميمي، يكنى أبا عياش، وقيل: يكنى أبا سدرة . وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه، وكان أحد ساداتهم، فأسلموا، وذلك في سنة تسع، فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 561 ] صدقات قومه، وأقره أبو بكر، وعمر على ذلك، وله في ذلك اليوم من قوله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاخرا:


                                                              نحن الملوك فلا حي يقاومنا فينا العلاء وفينا تنصب البيع     ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا
                                                              من العبيط إذا لم يونس القزع     وننحر الكوم عبطا في أرومتنا
                                                              للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا     تلك المكارم حزناها مقارعة
                                                              إذا الكرام على أمثالها اقترعوا

                                                              وأجابه عليها حسان فأحسن، وأجاب خطيبهم ثابت بن قيس يومئذ فقرعهم،
                                                              وخبرهم مشهور بذلك عند أهل السير موجود في كتبهم وفي كتب جماعة من أصحاب الأخبار، وقد اختصرناه في باب حسان بن ثابت.

                                                              وقيل: إن الزبرقان بن بدر اسمه الحصين بن بدر، وإنما سمي الزبرقان لحسنه، شبه بالقمر، لأن القمر يقال له الزبرقان.

                                                              قال الأصمعي: الزبرقان القمر، والزبرقان الرجل الخفيف اللحية.

                                                              وقد قيل: إن اسم الزبرقان بن بدر القمر بن بدر، والأكثر على ما قدمت لك، وقيل: بل سمي الزبرقان، لأنه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران، والله أعلم.

                                                              وفي الزبرقان يقول رجل من النمر بن قاسط في كلمة يمدح بها الزبرقان وأهله.

                                                              وقيل: إنه الحطيئة، والأول أصح :


                                                              تقول حليلتي لما التقينا     ستدركنا بنو القرم الهجان
                                                              سيدركنا بنو القمر بن بدر     سراج الليل للشمس الحصان

                                                              [ ص: 562 ]

                                                              فقلت ادعي وأدعو إن أندى     لصوت أن ينادي داعيان
                                                              فمن يك سائلا عني فإني     أنا النمري جار الزبرقان

                                                              وفي إقبال الزبرقان إلى عمر بصدقات قومه لقيه الحطيئة وهو سائر ببنيه وأهله إلى العراق فرارا من السنة وطلبا للعيش، فأمره الزبرقان أن يقصد داره، وأعطاه أمارة يكون بها ضيفا له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة، ثم هجاه بعد ذلك بقوله:


                                                              دع المكارم لا ترحل لبغيتها     واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

                                                              فشكاه الزبرقان إلى عمر، فسأل عمر حسان بن ثابت عن قوله هذا، فقضى أنه هجو له وضعة منه، فألقاه عمر بن الخطاب لذلك في مطمورة حتى شفع له عبد الرحمن بن عوف والزبير، فأطلقه بعد أن أخذ عليه العهد، وأوعده ألا يعود لهجاء أحد أبدا، وقصته هذه مشهورة عند أهل الأخبار ورواة الأشعار فلم أر لذكرها وجها.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية