الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة : يجوز للزوج أن يغسل زوجته  

                                                              وقال أبو حنيفة : لا يجوز .

                                                              859 - أخبرنا ابن عبد الواحد ، قال : أنبأنا الحسن بن علي ، قال : أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت : رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي ، وأنا أقول : وارأساه ، فقال : بل أنا وارأساه . ثم قال : ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك . قلت : لكأني بك والله لو فعلت ذلك ، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه ، فإن قيل : قد روى هذا الحديث البخاري في صحيحه ، فقال فيه : قلت : وارأساه . فقال : ذلك لو كان وأنا حي فأستغفر لك ، وأدعو لك . ورواه صالح بن كيسان ، عن الزهري فقال فيه : وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك . ولم يقل : غسلتك إلا محمد بن إسحاق ، وقد كذبه مالك قلنا : إنما كذبه مالك رواية أبي القاسم عبد الواحد لقول هشام بن عروة إنه حدث عن أم أبي وما رآها رجل قط ، وقد تأول هذا أحمد بن حنبل فقال : يمكن أن يكون خرجت إلى المسجد فسمع منها ، وقال يحيى بن معين : محمد بن إسحاق ثقة ، وقال شعبة : صدوق .

                                                              860 - وأخبرنا ابن عبد الخالق ، قال : أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال : حدثنا [ ص: 6 ] محمد بن عبد الملك ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن صندل ، حدثنا عبد الله بن نافع المديني ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد عن أمه عن أسماء بنت عميس أن فاطمة عليها السلام أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء فغسلاها . وقد رواه هبة الله الطبري عن أسماء أن عليا غسل فاطمة . قالت أسماء : وعيبه عليها ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، فصار كالإجماع ، فإن قيل : قد أنكر أحمد هذا الحديث ثم في الإسناد عبد الله بن نافع ، قال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك . قلنا : قد قال يحيى في رواية : يكتب حديثه . قال بعض المتفقهة : لو صح هذا الحديث قلنا : إنما غسلها لأنها زوجته في الآخرة ، فما انقطعت الزوجية . قلنا : لو بقيت الزوجية لما تزوج بنت أختها أمامة بنت زينب بعد موتها ، وقد مات عن أربع حرائر . قالوا : فقد روي أنها اغتسلت وماتت ، فاكتفوا بغسلها ذلك .

                                                              861 - أخبرنا عبد الله بن علي المقري ، أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد الرزاق ، أنبأنا عبد الملك بن محمد ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة ، قال : حدثنا محمد محمد بن سويد الطحان ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبيد الله بن علي ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه عن أمه سلمى قالت : اشتكت فاطمة بمرضها ، فقالت لي يوما وخرج علي عليه السلام : يا أماه اسكبي لي غسلا . فسكبت ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كنت أراها تغتسل ، ثم قالت : هاتي لي ثيابي الجدد . فأتيتها بها فلبستها ، ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه ، فقالت لي : قدمي لي الفراش إلى وسط البيت . ثم اضطجعت ووضعت يدها تحت خدها واستقبلت القبلة ثم قالت : يا أمتاه إني مقبوضة اليوم ، وإني قد اغتسلت فلا يكشفني أحد . قال : فقبضت مكانها ، فجاء علي عليه السلام فأخبرته ، فقال : لا والله لا يكشفها أحد . فدفنها بغسلها ذلك . قلنا : هذا حديث لا يصح في إسناده ابن إسحاق ، وعلي بن عاصم ، وقد سبق جرحهما ، وقد رواه نوح بن يزيد ، عن إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد ، ورواه الحكم بن أسلم ، عن إبراهيم أيضا ، ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن فاطمة اغتسلت هكذا ، ذكره مرسلا ونوح ، والحكم كلاهما مجروح ، وابن عقيل ضعيف وحديثه مرسل ، والتخليط فيه من بعض الرواة ، وكيف يكون صحيحا والغسل إنما شرع لحدث الموت ، وكيف يقع قبله وحوشي علي وفاطمة أن يخفى عليهما مثل هذا ، قالوا : نعارض حجتكم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها . قالوا : وعندكم أنه إذا ماتت الزوجة قبل الدخول فلزوجها أن يتزوج ابنتها ، وبغسل [ ص: 7 ] الزوج فينظر إلى فرجها . قلنا : لا نعرف هذا الحديث ، ولو صح فنقول : متى ماتت الزوجة قبل الدخول جرى الموت مجرى الدخول ، ولا يجوز للرجل أن يتزوج ابنتها في رواية ، ولو سلمنا قلنا : المراد بالحديث النظر على وجه الاستمتاع ، وذلك لا يحل بعد الموت ، ثم ليس من ضرورة الغسل النظر إلى الفرج .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية