وقال في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أبو سليمان "الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة، جائزته يومه وليلته، ولا يثوي عنده حتى يحرجه" .
حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا بشر بن موسى، نا نا الحميدي، نا سفيان، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، أبي شريح الكعبي.
[ ص: 353 ]
قوله: "جائزته يومه وليلته" تفسيره ما قال أخبرني مالك: محمد بن بكر بن عبد الرزاق، نا عن أبو داود، عن الحارث بن مسكين، أشهب، قال: سئل عن مالك بن أنس قال: يكرمه ويتحفه ويخصه يوما وليلة، وثلاثة أيام ضيافة قسم -صلى الله عليه وسلم- أمره إلى ثلاثة أقسام: إذا نزل به الضيف أتحفه في اليوم الأول، وتكلف له على قدر وجده، فإذا كان اليوم الثاني قدم إليه ما يحضره، فإذا جاوز مدة الثلاث كان مخيرا بين أن يتم على وتيرته وبين أن يمسك، وجعله كالصدقة النافلة، وقوله: لا يثوي عنده حتى يحرجه، فإن الثواء الإقامة بالمكان. يقول: لا يقيم عنده بعد الثلاث حتى يضيق صدره، وأصل الحرج الضيق، وقد روي في هذا الحديث من طريق قوله: "جائزته يومه وليلته" "ولا يحل لأحدكم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه" قالوا: وكيف يؤثمه؟ قال: "يقيم عنده وليس عنده شيء يقريه" . وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عبد الحميد بن جعفر: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" .
قال وأنا أنكر هذا التفسير وأراه غلطا، وكيف يأثم في ذلك وهو لا يتسع لقراه، ولا يجد سبيلا إليه، وإنما الكلفة على قدر الطاقة. قال الله تعالى: أبو سليمان: لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها .
ووجه الحديث أنه إنما كره له المقام عنده بعد الثلاث لئلا يضيق صدره بمقامه، فتكون الصدقة منه على وجه المن والأذى فيبطل أجره، قال الله تعالى: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى .
[ ص: 354 ]