الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أتاني [ ص: 417 ] جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل فحملني عليه، ثم انطلق يهوي بي، كلما صعد عقبة استوت رجلاه مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه".  

أخبرناه إسماعيل الصفار، نا الحسن بن عرفة، نا مروان بن معاوية الفزاري، عن قنان بن عبد الله النهمي، نا أبو ظبيان الجنبي، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود.

قوله: "يهوي بنا"  معناه يسير بنا، وقد يكون ذلك في الصعود والهبوط معا، وإنما يختلف في المصدر فيقال: هوى يهوي هويا إذا هبط، وهويا بالضم إذا صعد. أنشدني أبو رجاء الغنوي، عن أبي العباس ثعلب:


والدلو في إصعادها عجلى الهوي



وقال بعض القرشيين:


بينما نحن بالبلاكث فالقا     ع سراعا والعيس تهوي هويا
خطرت خطرة على القلب من ذكرا     ك وهنا فما استطعت مضيا



وقوله: كلما صعد عقبة استوت رجلاه مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه فيه قولان:

[ ص: 418 ]

أحدهما: أن تكون مسافة العقبة كلها خطوة واحدة من خطاه إذا هو صعد، أو هبط .

والقول الآخر: أن يكون سيرها به في العقاب كسيرها في مستوى الأرض؛ وذلك أن الدابة إذا هبطت من ثنية أكبت على مقدمها، وإذا صعدت أوفت على مؤخرها، فيعنت لذلك راكبها، فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنها قد سخرت له، فسارت به في العقاب سير الدواب على متون الأرض.

التالي السابق


الخدمات العلمية