حدثناه الصفار، نا الرمادي، نا أنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عروة بن الزبير.
القينة عند العامة: المغنية لا تعرف غيرها. والقينة عند العرب: الأمة. والقين: العبد. والقيان: الإماء. قال زهير:
رد القيان جمال الحي فاحتملوا إلى الظهيرة أمر بينهم لبك
والقينة أيضا: الماشطة، وهي التي تزين العرائس، يقال قد قينتها فهي مقينة، وإنما قيل للمغنية قينة إذا كان الغناء صناعة لها، والقين الصانع [ ص: 655 ] عند العرب إلا أن الغالب عليه الصانع بالحديد، وأراد بالقينتين هاهنا جاريتين كانتا عندها تنشدان شعرا.وبيان ذلك ما روي في هذا الحديث من وجه آخر، حدثنيه أنه دخل وعندها جاريتان من الأنصار تغنيان بشعر قيل في يوم بعاث، وهو يوم من أيام الجاهلية مذكور. أنا أبو عمرو الحيري، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أحمد بن عيسى، أنا ابن وهب، عمرو: أن محمد بن عبد الرحمن حدثه، عن عروة، أنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث. عائشة وذكر الحديث. عن
قال : أبو سليمان فيتناشده السامر في القمراء. والنادي بالفناء، والساقية على الركي والآبار، ويترنم به الرفاق إذا سارت بها الركاب، وكل ذلك عندهم غناء، ولم يرد بالغناء هاهنا ذكر الخنا، والابتهار بالنساء، والتعريض بالفواحش، وما يسميه المجان وأهل المواخير غناء. والعرب تثبت مآثرها بالشعر، فترويها أولادها وعبيدها فيكثر إنشادهم لها وروايتهم إياها،
والعرب تقول: سمعت فلانا يغني بهذا الحديث، أي يجهر به ويصرخ ولا يوري ولا يكني. وأخبرني أحمد بن عفو الله الشيرازي، نا نا عبد الله بن سليمان، يحيى بن عبد الرحيم الأعمش، نا قال: أخذ بيدي أبو عاصم [ ص: 656 ] ووقفني على أشعب الطماع، فقال: غن ابن أخي ما بلغ من طمعك فقال: بلغ من طمعي أنه ما زفت ابن جريج بالمدينة امرأة إلا كسحت بيتي رجاء أن يهدى إلي.
يقول: أخبر ابن أخي مجاهرا بذلك غير مساتر، ومن هذا قول ذي الرمة:
أحب المكان القفر من أجل أنني به أتغنى باسمها غير معجم
أيا قاتل الله الحمامة غدوة على الغصن ماذا هيجت حين غنت
تغنى الطائران ببين سلمى على غصنين من غرب وبان
[ ص: 657 ]
لعمري لئن أصبحت في دار تولب يغنيك بالأسحار ديك قراقف
فلن تردي ماء الطوي ولن تري أبانين ما غنى الحمام الهواتف
إذا شئت غناني الحديد وأوثقت مصاريع من دوني تصم المناديا
ولي مسمعان وزمارة وظل ظليل وحصن أمق
ما إن رأيت من مغنيات ذوات آذان وجمجمات
أصبر منهن على الصمات
قال هذا يصف إبلا. قال: وغناؤهن صريفهن بأنيابهن، وذلك من النشاط، فإذا ضجرت الإبل رغت. قال: والصمات هاهنا العطش. الأصمعي:
وقال الغناء: أطيط الرحال. والصمات: السكوت، ومثل هذا في كلامهم كثير. ابن الأعرابي:
[ ص: 658 ] قال : وقد روينا عن أبو سليمان أنه رخص في غناء الأعراب، وهو صوت كالحداء يسمى النصب إلا أنه رقيق. عمر بن الخطاب
حدثنيه عبد الله بن محمد، أنا ابن الجنيد، نا أنا محمد بن قدامة المروزي، أنا النضر بن شميل، محمد بن عمرو، عن عن أبيه قال: خرجنا مع يحيى بن عبد الرحمن، في الحج حتى إذا كنا عمر بالروحاء كلم القوم رباح بن المغترف، وكان حسن الصوت بغناء الأعراب، فقالوا له: أسمعنا وقصر عنا المسير. قال: إني أفرق فقام أصحاب رسول الله إلى عمر فكلموه فقال: يا عمر رباح، أسمعهم وقصر عنهم المسير، فإذا أسحرت فارفع فاك قال: فرفع عقيرته يتغنى.
فهذا وما أشبهه مما يدعى غناء لم ير به بأسا، ولم ير فيه إثما ؛ لأنه حداء يقصر المسير ويحث المطي، ويخفف عن المسافر. عمر
ونحو هذا قول نصيب أنشدنيه بعض أصحابنا، أنشدنا ابن دريد، أنشدنا أبو حاتم، أنشدتني أم الهيثم لنصيب:
فهل يمقتني الله في أن ذكرتها وعللت أصحابي بها ليلة النفر
وطيرت ما بي من نعاس ومن كرى وما بالمطايا من كلال ومن فتر