الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أن زياد بن علاقة قال: كان بين رجل منا ورجل من الأنصار شيء فشجه، فأتى النبي عليه السلام فقال:

[ ص: 669 ]

يا خير من يمشي بنعل فرد أوهبه لنهدة ونهد


لا يسبين سلبي وجلدي



فقال النبي عليه السلام: "لا".


حدثناه جعفر بن نصير الخلدي، نا الحضرمي، نا ابن نمير، نا ابن إدريس، سمعت مسعرا يذكره عن زياد بن علاقة، إلا أنه قال:


أو هبة لنهدة ونهد



وقال: غيره أوهبه من الهبة، وهو أصوب.

قوله: بنعل فرد فيه وجهان؛  أحدهما: أن يجعل الفرد من نعت النعل، وذلك جائز مع سقوط هاء التأنيث؛ لأن كل اسم ليس فيه علم التأنيث فتذكيره جائز، كالسماء والأرض والشمس والنار والبئر والحرب ونحوها.

أخبرني أبو عمر، أنا ثعلب، عن سلمة، عن الفراء قال العرب: تجترئ على تذكير كل مؤنث ليس فيها علم التأنيث وأنشد:


فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل إبقالها

وأراد بالنعل الفرد السمط التي لم تخصف ولم تطارق. والعرب تمدح برقة النعال، وتجعلها من لباس الملوك، وزي أهل النعمة، قال النابغة:

[ ص: 670 ]

رقاق النعال طيب حجزاتهم     يحيون بالريحان يوم السباسب

والوجه الآخر أن يجعل النعل مضافة إلى الفرد، كأنه قال: يا من هو فرد في الناس واحد لا نظير له، على مذهب قول الأعشى:


يا خير من يركب المطي ولا     يشرب يوما بكف من بخلا

يقول: إنما تشرب بكفك ولست ببخيل ولبس النعال من خاص زي العرب، وكذلك لبس العمائم، وكانت الفرس تلبس الخفاف والقلانس. والنهد: الفرس المطهم، والأنثى نهدة، وكل ضخم نهد. قال عبيد بن الأبرص:


فذاك عصر وقد أراني     تحملني نهدة سرحوب

والسرحوب: الخفيفة. يقال: فرس سرحوب. والسرحوب الطويل أيضا.

وأخبرني الكراني، أنا عبد الله بن شبيب، نا زكريا بن يحيى المنقري، سمعت الأصمعي يقول: سمعت بعض الأعراب يقول: السرحوب: ابن آوى والسرعوب: ابن عرس.

التالي السابق


الخدمات العلمية