الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "أحلوا لله يغفر لكم".  

يرويه موسى بن داود الضبي، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عمير بن هانئ، عن أبي العذراء، عن أبي الدرداء، قال ابن ثوبان: أحلوا يريد أسلموا.

قال أبو سليمان : هكذا سمعته يروى بالحاء، فإن كان محفوظا فمعناه الخروج من خطر الشرك إلى حل الإسلام، من قولهم: أحل الرجل إذا خرج من الحرم إلى الحل، وأحل في يمينه إذا خرج من عهدتها ببر أو كفارة أو استثناء أو نحوها، وكذلك أحل في نذره، قال ذو الرمة:


أرشت بها عيناك حتى كأنما تحلان من سفح الدموع بها نذرا



[ ص: 689 ] وكل من خرج من حظر إلى إباحة فهو محل، وكان عبد الله بن الزبير يدعى المحل لاستباحته القتال في الحرم. قال الشاعر يشبب بابنة الزبير:


ألا من لقلب معنى غزل     بذكر المحلة أخت المحل

وقد جاء في بعض الحديث: "من أحال دخل الجنة".

أخبرني أبو عمر، أخبرنا أبو العباس ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: أحال يريد أسلم. قال أبو سليمان: وليس هذا من الإحلال، هذا من الإحالة. يقال أحال الرجل إذا تحول من شيء إلى غيره، يريد -والله أعلم- الانتقال من دين الكفر إلى ملة الإسلام.

وروى هذا الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن المثنى.، عن موسى بن داود بإسناده سواء. فقال: "أجلوا الله يغفر لكم". بالجيم، أي أسلموا. والتفسير موصول بالحديث، والله أعلم أيهما الصحيح. وقال بعض أصحابنا يريد بقوله: أجلوا الله، أي قولوا يا ذا الجلال، أو آمنوا بالله ذي الجلال، وهذا كما روي: "ألظوا بيا ذا الجلال".

التالي السابق


الخدمات العلمية