قوله: أي الساعات أسمع؟ يريد أيها أوقع للسمع والمعنى أيها أولى بالدعاء وأرجى للاستجابة وهذا كقول ضماد الأزدي حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه الإسلام قال فسمعت كلاما لم أسمع قولا قط أسمع منه يريد أبلغ منه ولا أنجع في القلب.
وجوف الليل الآخر إنما هو الجزء الخامس من أسداس الليل وهذا موافق للحديث الذي يروى . "إن الله يمهل حتى يبقى الثلث الآخر من الليل فينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى! هل من تائب فيغفر له؟ "
وقوله: استنشيت يريد الاستنشاق وأصله من قولك نشيت الرائحة إذا شممتها قال الهذلي:
ونشيت ريح الموت من تلقائكم وخشيت وقع مهند قرضاب
[ ص: 135 ]ويقال شممت نشوة ريحان أي رائحته الطيبة والنشوة من السكر أيضا قال سئل أعرابي عن أمير فقال يطيل النشوة ويوطئ العشوة ويقبل الرشوة". الأصمعي
وأخبرنا أحمد بن عبد العزيز [بن شابورة] ثنا نا علي بن عبد العزيز حدثني الزبير بن بكار مصعب بن عثمان قال قال نافع بن جبير بن مطعم لأبي الحارث بن عبد الله بن السائب وكان من فصحاء العرب ألا تذهب بنا إلى الحرة نتخمر الريح فقال له أبو الحارث إنما يتخمر الحمير قال فنستنشي قال إنما تستنشي الكلاب قال فما أقول؟ قال نتنسم الريح فقال له نافع مه مه أنا أبو الحارث ابن عبد مناف فقال أبو الحارث ألصقتك والله عبد مناف بالدكادك ذهبت عليهم بنو هاشم بالنبوة وأمية بالخلافة فقال ابن أبي عتيق لنافع يا نافع قد كنت فينا مرجوا قبل هذا فقال نافع: ما أصنع بمن صح نسبه ومذق لسانه.
وقوله: استنشرت إن كان محفوظا فمعناه الاستنشار مأخوذ من انتشار الماء وقيل للحسن في الوضوء يصيب الثوب فقال ويلك وهل يملك نشر الإناء أي ما ينتضح من مائه ونشرة المصاب مأخوذة من هذا، وفرق ما بين كفرق ما بين الاستنشاق والاستنثار؛ وذلك أن الاستنشاق إنما هو إدخال الماء إلى الأنف وإبلاغه الخياشيم من قولك نشق رائحة طيب فتنشقها قال الشاعر [ ص: 136 ] : الاستنشار والاستنثار
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضها تنشق يستشفي برائحة الركب.