فسره أبو عبيد في كتابه فقال : العقال صدقة عام وأنشد لعمرو بن العداء الكلبي [ ص: 47 ] :
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
قال : وقد خولف أبو سليمان أبو عبيد في هذا التفسير وذهب غير واحد من العلماء في تفسيره إلى غير وجه وأنا أحكي أقاويلهم وأعزي كلا منها إلى قائله بمشيئة الله وعونه ..
أخبرني أحمد بن الحسين التيمي قال : سمعت محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي ينكر ما ذهب إليه أبو عبيد في تفسير هذا الحديث ويقول : إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقل فما فوقه كما يقول الرجل للرجل : إذا منعه الكثير من المال لا أعطيك ولا درهما منه وليس بالسائغ أن يقول : لا أعطيك ولا مائة ألف ونحوها وكان يقول : ليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام والبيت الذي استشهد به ليس بالثبت الذي يحتج به .
قال : وفيه أيضا أن العرب لم تقل : إنا لا نقبل الصدقة إلا عاما واحدا ولم يكن منعهم الصدقات إلا على الأبد فكيف يكون العقال الذي يمنعونه صدقة عام واحد وهم يتأولون في تركها أنهم كانوا مأمورين بأدائها إلى رسول الله دون القائم بعده ويحتجون بقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها الآية ويزعمون أن تطهير من بعده وتزكيته لهم ليس كرسول الله ولذلك يقول قائلهم [ ص: 48 ] :
أطعنا رسول الله ما دام بيننا فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر
قال : واسم الحبل الذي يقرن به البعيران القرن مفتوحة الراء ويجمع على الأقران والقرن أيضا البعير المقرون بآخر قال الشاعر : أبو سليمان
ولو عند غسان السليطي عرست رغا قرن منها وكاس عقير
قال : والشنق أن يكون في خمس من الإبل شاة وفي عشر شاتان إلى أن تبلغ خمسا وعشرين فإذا وجبت فيها ابنة مخاض فهي العقال .
وفيه قول آخر يحكى عن بعض أهل العلم قال : قوله لو منعوني عقالا معناه ما يساوي عقالا [ ص: 49 ] .
وفيه قول آخر قاله قال العقال : كل ما أخذ من الأصناف من الإبل والبقر والغنم والثمار التي يؤخذ منها العشر ونصف العشر فهذا كله عقال في صنفه وسمي عقالا لأن المؤدي له قد عقل عنه طلبة السلطان وتبعته وعقل عنه الإثم الذي يطلبه الله به إذا منع الزكاة قال : ولذلك سميت العاقلة التي تؤدي دية الخطأ لأنها إذا فعلت ذلك عقلت عن وليها تبعة أولياء المقتول . أبو سعيد الضرير
وفيه قول آخر قاله أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر قال : إذا أخذ المصدق من الصدقة ما فيها ولم يأخذ ثمنها قيل أخذ عقالا وإذا أخذ الثمن قيل أخذ نقدا وأنشد لبعضهم :
أتانا أبو الخطاب يضرب طبله فرد ولم يأخذ عقالا ولا نقدا
وفي رواية أخرى ذكرها ابن الأعرابي محمد بن زياد والله لو منعوني جديا أذوط لقاتلتهم عليه .
قال : والأذوط الصغير الفك والذقن.