الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث عمر أنه كتب إلى أبي عبيدة وهو محصور أنه مهما تنزل بامرئ شديدة يجعل الله بعدها فرجا فإنه لن يغلب عسر يسرين .

يرويه خالد بن خداش عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده .

قوله لن يغلب عسر يسرين إنما هو تأويل قول الله [ ص: 70 ] فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وفي ظاهر التلاوة هاهنا عسران ويسران إلا أن المراد به عسر واحد لأنه مذكور بلفظ التعريف واليسر مذكور بلفظ التنكير مرتين فكان كل واحد منهما غير الآخر .

قال الفراء: العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا اثنتين كقولك إذا كسبت درهما فأنفق درهما فالثاني غير الأول وإذا أعادتها بمعرفة فهي هي كقولك إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم فالثاني هو الأول قال : ومن هذا قول بعض الصحابة لن يغلب عسر يسرين .

ذكره لنا أبو عمر عن أبي العباس ثعلب عن سلمة عن الفراء .

وقال بعض المتأخرين : هما سواء لا فرق بينهما . قال : والذي استشهد به الفراء غير دال على ما زعمه وذلك أن القائل إذا قال : إن في الدار زيدا إن في الدار زيدا مرتين لم يدل به على أكثر من زيد واحد كما لم يدل على أكثر من دار واحدة قال : وقول عمر: لن يغلب عسر يسرين . معناه أن العسر بين يسرين إما فرج عاجل في الدنيا وإما ثواب في الآخرة .

.

وأخبرني ابن الفارسي حدثني محمد بن المؤمل العدوي في قوله إن مع العسر يسرا  قال : هذا من مظاهر القول يراد به التوكيد كقوله : كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون وكقول الشاعر [ ص: 71 ] :


إذا التياز ذو العضلات قلنا إليك إليك ضاق بها ذراعا

وكقول الآخر :


هلا سألت جموع كندة     حين ولوا أين أينا



التالي السابق


الخدمات العلمية