الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث عمر أنه كتب إلى أهل حمص : "لا تنبطوا في المدائن ولا تعلموا أبكار أولادكم كتاب النصارى وتمعززوا وكونوا عربا خشنا " .

يرويه ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر أن عمر كتب بذلك .

قوله لا تنبطوا في المدائن  يريد لا تبنكوا بها ولا تتخذوها دار إقامة فتكونوا كالأنباط ينزلون الأرياف يحضهم على الجهاد ويأمرهم بالاستعداد للغزو وقد يكون المعنى أنه كره لهم اتخاذ الضيعة وأراد بأبكار الأولاد أحداثهم ومن كان مولودا منهم في الإسلام وبكر الرجل أول ولده [ ص: 73 ] .

وقوله تمعززوا تحتمل وجهين أحدهما أن يكون من المعز وهو الشدة والصلابة . يقال : رجل ماعز وما أمعزه من رجل أي ما أشده وأصلبه ومنه قيل للأرض الحزنة ذات الحجارة المعزاء ومكان أمعز وقال الفرزدق:


قطعت إلى معروفها منكراتها إذا خب آل الأمعز المتوضح

والتمعزز على هذه وزنه التفعلل من المعز .

والوجه الآخر أن يكون مشتقا من العز وهو الشدة والقوة قال الله تعالى : فعززنا بثالث .

ومنه قولهم "من عزز بر" أي من غلب سلب وتكون الميم على هذا التأويل زائدة ليست من نفس الحرف كما قالوا : تمدرع الرجل من الدراعة وتمسكن وأصله من السكون والميم زائدة . وهذا كحديثه الآخر أنه قال : تمعددوا واخشوشنوا . وقد فسره أبو عبيد في كتابه.

التالي السابق


الخدمات العلمية