حدثت به عن المطين أخبرنا أخبرنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن أبيه عن علي بن صالح عن سعيد بن عمرو القرشي عياش الزرقي كذلك قاله عثمان .
وقال غيره عن عبد الله بن عياش .
قوله تلعابة من اللعب يريد أنه كان حسن الخلق يمزح ويلعب إذا خلا في خاصته قال العجير يمدح رجلا :
هو الظفر الميمون إن راح أو غدا به الركب والتلعابة المتحبب
ويقال رجل تلعابة مثل تقوالة وتلعابة مشددة والهاء تزاد في مثل هذه الأسماء للمبالغة في النعت .ويروى عن أنه قال زعم علي ابن النابغة أني تلعابة أعافس وأمارس هيهات يمنع من العفاس والمراس خوف الموت وذكر البعث والحساب ومن كان له قلب ففي هذا عن هذا واعظ وزاجر . .
وقد فسرنا هذا فيما تقدم من الكتاب [ ص: 162 ] .
ويقال في هذا المعنى رجل لعبة بفتح العين إذا كان كثير التلعب والتمرس بالناس فإذا كان يتلعب به الناس ويولعون بمداعبته فهو لعبة ساكنة العين .
فإن الضرس من الرجال الصعب الخلق يقال رجل ضرس إذا كان زعر الخلق ومكان ضرس إذا كان خشنا يعقر قوائم الدواب . ومنه قول وقوله ضرس من حديد دريد بن الصمة يوم حنين نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس .
ويقال ناقة ضروس وهي التي تمتنع عن الحالب وتعضه عند الحلب .
ورواه بعضهم فإذا فزع فزع إلى ضرس حديد على إضافة الضرس إلى الحديد كأنه يريد واحد الأضراس أو واحد الضروس وهي الآكام الخشنة ذوات الحجارة أي كأنه جبل من حديد .
وقد توهم من لا يبصر وجوه الكلام ولا يضع الأمور مواضعها أن هذا القول من واصفه طعن عليه وإزراء به وتعلق مع ذلك بقول وقد سئل عنه للخلافة فقال : "لولا دعابة فيه " . والأمر في ذلك بحمد الله على خلاف ما توهمه ولم يذهب عمر في هذا إلى أن يعيبه بالمزاح وإنما أراد أن السائس قد يحتاج في سياسته إلى نوع من الشدة والغلظة ليخافه أهل الريبة وأن من هش لعامة الناس ولان جانبه لهم قلت هيبته في صدورهم . عمر
وقد قيل من مرح استخف به وإنما هذا كقوله إن هذا الأمر لا يصلح له [ ص: 163 ] إلا الشديد في غير عنف اللين في غير ضعف وكان رضي الله عنه يوصف ببعض الفكاهة وهو أن يكون الإنسان فكه الحديث حلوه . والأصل في هذه الكلمة الإعجاب . علي
قال معنى قوله : الفراء فاكهين بما آتاهم ربهم معجبين بما آتاهم ربهم .
ويقال : فكه الرجل وتفكه إذا تعجب وأنشد :
ولقد فكهت من الذين تقاتلوا يوم الخميس بلا سلاح ظاهر
وقال بعض العلماء كان قد علق من أخلاق رسول الله وطيب كلامه فكان إذا خلا مع صاغيته مزح وانبسط وإذا رأى العدو قطب وعبس قال وأنشدنا علي في نحو هذا يمدح رجلا : ابن الأعرابي
يتلقى الندى بوجه صبيح وصدور القنا بوجه وقاح
فبهذا وذا تتم المعالي طرق الجد غير طرق المزاح
وأخبرنا أخبرنا ابن الأعرابي الزعفراني أخبرنا أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش خيثمة عن عن سويد بن غفلة أنه قال إذا سمعتموني أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم عن غيره فإنما أنبأنا رجل محارب والحرب خدعة . علي
يريد أن الخداع في الحرب جائز ومعناه أن يظهر الرجل من أمره خلاف ما يضمره يريد بذلك أن يلبس أمره على عدوه لئلا يفطن لعوراته الستر والإخفاء . ومنه سمي البيت الذي يخبأ فيه المتاع مخدعا . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وأصل الخدع "الحرب خدعة " .
أخبرناه أخبرنا ابن الأعرابي أخبرنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن يونس بن بكير محمد بن إسحاق حدثني عن يزيد بن رومان عروة قالت كان عائشة نعيم رجلا نموما فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "إن يهود بعثت إلي إن كان يرضيك أن نأخذ رجالا رهنا من قريش وغطفان فندفعهم إليك فنقتلهم" فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فأخبرهم ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : "الحرب خدعة " . عن
ومن هذا الباب حديث النواس بن سمعان آدم إلا ثلاث الرجل يكذب أهله يرضيها والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما والرجل يكذب في الحرب" "كل الكذب يكتب على ابن [ ص: 165 ] . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
فأما ما أبيح من فهو مثل أن يقول لها إني لأحبك وإنك لمن أعز أهلي ونحو هذا من كلام الاستمالة ومثل أن يمنيها ويعدها يطيب نفسها بذلك . كذب الرجل لأهله
وأما فهو أن يرقق القول لهما وينمي الجميل إلى كل واحد منهما عن صاحبه وإن لم يكن سمعه منه يستعطف به قلوبهما وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : الكذب في الإصلاح بين الاثنين "ليس بالكاذب من أصلح بين اثنين فقال خيرا أو نمى خيرا " . .
وأما فقد تقدم بيانه وإنما أبيح ذلك لأنه من باب المكيدة في الحرب للإبقاء على النفس وقد أرخص الله الكذب في الحرب ذبا عن مهجة نفسه ومحاماة على روحه . للمسلم إذا أكره على الكفر أن يعطي الفتنة بلسانه ويتكلم بها على التقية
.
وقال وهاهنا أمور متقاربة في ظاهر الاسم متباينة في المعنى والحكم منها الغدر والفتك والمكر والكيد والغيلة فالغدر محرم في الحرب وغيرها وهو أن يؤمن الرجل ثم يغدر به فيقتله ومثله الفتك وقد جاء قيد الإيمان الفتك والمكر محرم في كل حال والكيد مباح في الحرب . أبو سليمان
وأما الغيلة فهو أن يخدع الرجل فيخرجه من المصر إلى الجبانة أو من العمارة إلى الخراب فإذا خلا معه وثب عليه فقتله [ ص: 166 ] وفي قوله ثلاث لغات أعلاها خدعة بفتح الخاء . سمعت "الحرب خدعة" يذكر عن ابن الأعرابي ابن أبي مسرة عن عن الحميدي عن سفيان عمرو بن دينار قال أهل العربية يقولون خدعة بالنصب .
.
وأخبرني أبو رجاء الغنوي أنبأنا قال الحرب خدعة بلغنا أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم . أبو العباس ثعلب
وقال بعض أهل اللغة معنى الخدعة المرة الواحدة أي من خدع فيها مرة لم يقل العثرة بعدها .
وروى يعقوب عن الكسائي وأبي زيد خدعة وخدعة ويقال إن الخدعة إنها تخدع الرجال وتمنيهم الظفر ثم لا تفي لهم .