هكذا حدثونا به عن علي بن عبد العزيز نا حجاج عن حماد بن سلمة نا سيار بن سلامة أبو المنهال عن رفيع أبي العالية.
قوله عنج إنما هو عني أبدل الياء جيما وهو لغة لبعضهم وأنشدوا في ذلك:
يا رب إن كنت قبلت حجتج فلا يزال راكب يأتيك بج
فأما الذين من لغتهم أن يجعلوا الياء الثقيلة جيما أعجمية فهم قوم من ربيعة وأنشدوا لهم:المطعمون اللحم بالعشج وبالغداة فلق البرنج
حدثنيه عمار بن محمد من أهل مدينة السلام نا محمد بن عمر البجيري نا عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن عمر قال: قرأنا على مطهر نا هشام القردوسي عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إن امرأة أبي قعيس أرضعتني وإن أخا لأبي قعيس يأتيني فيستأذن علي فقال النبي صلى الله عليه: "ائذني له فإنه عمج" يريد عمك وإنما جاء هذا من قبل بعض النقلة وكان لا يتكلم إلا باللغة العالية.
فأما الذين من لغتهم أن يجعلوا كاف خطاب المؤنث شينا فهم بكر وتسمى هذه كشكشة وبها قرأ من قرأ منهم: "إن الله اصطفاش وطهرش".
.
وأخبرني محمد بن الرهني نا ابن دريد نا أبو حاتم نا الأصمعي عن شعبة عن قتادة قال: قال معاوية يوما: أي الناس أفصح فقام رجل من السماط فقال: يا أمير المؤمنين قوم ارتفعوا عن فراتية العراق وتياسروا عن كشكشة بكر وتيامنوا عن عنعنة تميم ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير قال: فمن هم قال قومك قريش.
وقوله: أعل عني معناه تنح عني قال الكسائي يقال: أعل عن الوسادة وعال عنها أي تنح عنها [ ص: 255 ] .
وقال غيره يقال: علوت عن الوسادة إذا ارتفعت عنها وأعليت عنها إذا نزلت قال: وإذا وقع ثوب الرجل تحت رجل آخر قال له: أعل عن ثوبي أي خل عنه.
وقال بعضهم: قول الناس تعال بمعنى أقبل إنما هو تفاعل من العلو أي ارتفع قال الفراء ثم كثر استعماله حتى جعلوه بمنزلة أقبل.
قال أبو سليمان ومن هذا قول أبي سفيان بن حرب لعمر يوم أحد أنعمت فعال عنها.
حدثناه محمد بن هاشم نا الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة قال: لما جرى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه يومئذ ما جرى من القتل والمثل أقبل أبو سفيان وهو يقول: اعل هبل فقال عمر بن الخطاب: الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان: أنعمت فعال عنها.
ومعنى هذا الكلام أن الرجل من قريش كان إذا أراد أن يبتدئ أمرا عمد إلى سهمين من سهامه فكتب على أحدهما نعم وعلى الآخر لا ثم يتقدم إلى هذا الصنم فيجيل سهامه فإن خرج سهم الإنعام أقدم على أمره وتم لوجهه وإن خرج السهم الزاجر تركه وأعرض عنه وهو معنى ما ذكره الله في كتابه من استقسامهم بالأزلام وهي القداح التي كانوا يحيلونها ويسمونها أيضا الأقلام لأنهم كانوا يكتبون عليها بأقلامهم نعم ولا ومن هذا قوله تعالى [ ص: 256 ] :
إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم يريد والله أعلم سهامهم حين أقرعوا أيهم يكفلها أنشدني أبو عمر أنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة عن أبي زيد:
إن امرأ أمن الحوادث سالما ورجا الخلود كضارب بقداح
ولما كان يوم الفتح أمر رسول الله بكسر هبل فكسر فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب قد كسر هبل أما إنك قد كنت منها يوم أحد في غرور حين تزعم أنه قد أنعم فقال أبو سفيان دع هذا عنك يابن العوام فقد أرى لو كان مع إله محمد غيره لكان غير ما كان.


