الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حديث مصعب بن عمير رحمه الله.

وقال أبو سليمان في حديث مصعب أن سعد بن أبي وقاص قال كان يصيبنا ظلف العيش بمكة فلما أصابنا البلاء اعتزمنا لذلك وكان مصعب أنعم غلام بمكة فجهد في الإسلام حتى لقد رأيت جلده يتحسف تحسف جلد الحية عنها.  

وفي رواية أخرى أن عامر بن ربيعة قال كان مصعب مترفا يدهن بالعبير ويذيل يمنة اليمن ويمشي في الحضرمي فلما هاجر أصابه ظلف شديد فكان يهمد من الجوع.

أخبرناه ابن الأعرابي نا أحمد بن عبد الجبار العطاردي نا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني صالح بن كيسان عن بعض آل سعد عن سعد. والرواية الأخرى يرويها ابن أبي سبرة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه [ ص: 292 ] ظلف العيش بؤسه وشدته يقال رجل ظليف إذا كان سيئ الحال ومكان ظليف أي خشن وعر وقد ظلف الرجل نفسه إذا صرفها عن النعيم إلى البؤس.

وقوله اعتزمنا لذلك أي احتملناه وأطقناه وأصل العزم القوة قال تأبط شرا:


وكنت إذا ما هممت اعتزمت وأولى إذا قلت أن أفعلا

وقوله: يتحسف أي يتقشر جلده حتى يتساقط عنه، ومنه الحسافة وهي سقاطة التمر ورديئه.

قال الأصمعي: الحسافة ما سقط من التمر والجرامة ما التقط منه بعدما يصرم والحثالة الرديء من كل شيء والحفالة مثله.

وقوله يذيل يمنة اليمن أي يلبسها ويتزر بها فيسدل ويطيل ذيلها وإنما هو من زي أهل الترفه قالطرفة يصف قوما بذلك:


يلحفون الأرض هداب الأزر

.

واليمنة ضرب من برود اليمن.

وقوله كاد يهمد أي يهلك ويتلف يقال همد الثوب يهمد وهمدت النار تهمد همودا إذا طفئت.

التالي السابق


الخدمات العلمية