الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يواري عورته وجرف الخبز والماء"   .

حدثنيه بعض أصحابنا نا الهيثم بن كليب نا محمد بن صالح ثنا أبو داود نا النضر أنا الحريث بن السائب عن الحسن عن حمران عن عثمان بن عفان.

ورواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن حريث بن السائب فقال: "جلف الخبز والماء".

قوله: جرف الخبز: يريد كسر الخبز واحدتها جرفة وكذلك الجلف واحدتها جلفة وهي قطع الخبز اليابس الذي ليس بلين ولا مأدوم قال ابن الأعرابي: وهو مأخوذ من جرفت الشيء أجرفه إذا قشرته ويقال جرفته السنة وجلفته إذا أذهبت ماله قال أبو عبيدة: المجلف والمعصب هو الذي أتى الدهر على ماله يقال جلفته السنون وعصبته السنون إذا أكلت ماله وقال غيره المجرف من بقي له شيء قليل والمجلف المستأصل. وقال رجل من طيء يرثي الربيع وعمارة ابني زياد العبسيين [ ص: 180 ] :


وإن تكن الحوادث جرفتني فلم أر هالكا كابني زياد     هما رمحان خطيان كانا
من السمر المثقفة الصعاد

وقال أبو عبيدة: يقال: أتانا بخبز كسف: أي قطع، ومنه قوله تعالى: فأسقط علينا كسفا من السماء قال: ويقال أصابتهم جليفة عظيمة إذا اجتلفت أموالهم ويجمع على الجلائف قال الشاعر:


وإذا تتبعت الجلائف مالنا     خلطت صحيحتنا إلى جربائه

ومنه قول الفرزدق:


وعض زمان يا ابن مروان لم يدع     من المال إلا مسحتا أو مجلف

ويروى إلا مسحت أو مجلف فمن روى إلا مسحتا بالنصب جعل معنى لم يدع لم يترك ورفع مجلف بإضمار كأنه قال أو هو مجلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية