الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس أنه قال : " قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه ، وأنا ابن اثنتي عشرة سنة . يعني المفصل " .  

أخبرناه إسماعيل الصفار ، نا زكريا بن يحيى ، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، نا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس .

إنما سمي المفصل محكما ؛ لأنه لم ينسخ من المفصل شيء ، سمعت بعض العلماء يذكره ، واختلف القراء في أول المفصل ، فقال بعضهم : أول المفصل سورة القتال ، ويقال لها : سورة محمد ، وآخره سورة الناس وهي خاتمة القرآن ، [ ص: 452 ] وإنما قيل لها : المفصل لكثرة الفصول بينها بآية التسمية . ويقال : إن أول المفصل سورة قاف ، وهذا في حديث يرويه عيسى بن يونس .

نا عبد الرحمن بن يعلى الطائفي ، حدثني عثمان بن عبد الله بن أوس بن حذيفة ، عن جده أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه في وفد ثقيف ، فسمع أصحاب النبي أنه كان يحزب القرآن ، قال : وحزب المفصل من " قاف " .

وفيه قول ثالث : وهو أن أول المفصل سورة " والضحى " ؛ وذلك لأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير ، وهو مذهب ابن عباس وقراء أهل مكة .

.

أخبرني أبو رجاء الغنوي ، نا ابن أبي مسرة ، نا أبي والحميدي قالا : نا إبراهيم بن أبي حية ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : قرأت على ابن عباس ، فلما بلغت : " والضحى " قال : كبر إذا ختمت كل سورة حتى تختم ، ويقال : إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر ، عن رسول الله قال المشركون : قد هجره شيطانه وودعه ، فاغتم لذلك رسول الله صلى الله عليه ، فلما نزل : " والضحى " كبر عند ذلك رسول الله فرحا بنزول الوحي ، فاتخذه الناس سنة ، وفي المحكم قول آخر : وهو أنه من القرآن ما أحكم بيانه بنفسه ، ولم يفتقر إلى غيره على تأويل قوله عز وجل : هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الآية ، فالمحكم : ما لا يحتمل الوجوه وعرف بنفسه .

[ ص: 453 ] والمتشابه : ما احتمل الوجوه فلم يعرف بنفسه . فالمحكم أم المتشابه ؛ لأنه يعرف به .

التالي السابق


الخدمات العلمية