وقال في حديث أبو سليمان : " أنه ذكر في قول النبي : ابن عباس " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله " . قال فقلت : لم ؟ قال : ألا ترى أنهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ . طاووس :
أخبرناه نا ابن داسة ، نا أبو داود ، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن ابن طاووس ، أبيه .
[ ص: 456 ] .
قوله : والطعام مرجأ ، أي غائب مؤجل في ذمة البائع ، يقال : رجيت الشيء وأرجأته ، إذا أخرته .
ومن هذا قوله : وآخرون مرجون لأمر الله .
وتفسير ذلك أن يسلف نقدا في طعام ، ثم يبيعه بنقد قبل أن يقبضه ، فيفسد البيع ؛ لأن ملكه لا يستقر ولا يتكامل إلا بالقبض ، فإذا كان الطعام الذي يبيعه مرجأ ، أي مؤخرا عن ملكه ، ومضمونا على غيره لم يجز بيعه ؛ لأنهما إنما تبايعا ذهبا ليس بإزائه في الحقيقة طعام . " وقد نهى رسول الله صلى الله عليه ، عن ربح ما لم يضمن " ،
وبيان هذا في حديث له آخر . حدثناه محمد بن مكي ، نا نا الصائغ ، سعيد ، نا عبد العزيز بن محمد ، أخبرني يحيى بن سعيد ، عن قال : " سألت القاسم بن محمد ، فقلت : كنا نسلف في السيائب فنبيعها قبل أن نستوفيها ، فقال : ذاك بيع ورق بورق " . ابن عباس
يريد أن البيع لم يقع على الثياب الذي هو مضمون على غيره ، وإنما تقابل الثمنان فصار بيع ورق بورق ، وبيع الورق بالورق لا يجوز إلا سواء بسواء يدا بيد والمعنيان جميعا ها هنا عدم ، فبطل البيع ، فإن كان المشتري إنما باعه من البائع نفسه قبل أن يقبضه كان في الفساد مثل الأول أو أشد ، وكان حينئذ بيع ورق بورق لا غير ، فإن أقاله فبطل عنه الطعام ، وصار [ ص: 457 ] عليه ذهب تبايعا بعد بالذهب ما شاءا بالذهب ، وتقابضا قبل أن يتفرقا . والإقالة فسخ وليس ببيع .
وفيه أنه رأى غير الطعام في هذا بمنزلة الطعام ، وأنه لا يجوز بيعه قبل أن يقبض كالطعام سواء ، وأجازأهل المدينة بيع ما لم يقبض إلا في الطعام والمكيل والموزون .