الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس : " أنه قال : لا يزال أمر هذه الأمة مؤاما ما لم ينظروا في الولدان والقدر "   .

حدثناه ابن مالك ، نا عمر بن حفص السدوسي ، نا عاصم بن علي ، نا جرير بن حازم ، عن أبي رجاء ، سمعت ابن عباس يقول ذلك .

قوله : مؤاما مثقلة الميم - أي مقاربا من قولك : أمر أمم : أي قصد قريب ، ونظرت إليه من أمم : أي من قرب .

وقال بعض أهل اللغة : أمم ، هو ما بين القرب والبعد .

وقوله : ما لم ينظروا في الولدان ؛ يريد ما لم يتنازعوا الكلام في أطفال المشركين وهم الولدان ، واحدهم وليد ، وما لم يخوضوا في مذاهب أهل الأهواء ، ولم ينكروا القدر . [ ص: 466 ] .

قال أبو سليمان في حديث ابن عباس في قوله : فشاربون شرب الهيم قال : هيام الأرض   .

أخبرناه ابن الأعرابي ، نا الزعفراني ، نا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس . الهيام تراب يخالطه رمل ينشف الماء نشفا شديدا ، فأما الهيام فهو شدة العطش ، يقال : بعير أهيم ، وناقة هيماء ، وهو أن يشتد عطشها حتى لا تروى ، قال ذو الرمة :


فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرئ صداها ولا يقضي عليها هيامها

وفي صفة الغنم أنهن جوف لا يشبعن ، وهيم لا ينقعن ؛ أي لا يروين ، قال يعقوب : الهيام والهيام داء يأخذ الإبل عن بعض المياه بتهامة ، فيصيبها مثل الحمى ، والعرب تزعم أنه يعدي ، يقولون إن البعير الهائم إذا أنيخ على مبركه بعير أصابه ذلك الداء ، وإذا شم بعير آخر ريحه أعداه .

ومن هذا حديث ابن عمر : " أنه اشترى إبلا فقيل له : إنها هيم ، فأراد أن يردها ، ثم قال : " رضينا بحكم رسول الله ، لا يعدي شيء شيئا " ، ولم يردها .

التالي السابق


الخدمات العلمية