الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث معاوية أن أبا مريم الأزدي قال : دخلت عليه فقال : ما أنعمنا بك يا فلان ؟ قال : وهي كلمة تقولها العرب ، فقلت : حديث سمعته أخبرك به   .

أخبرناه ابن داسة ، نا أبو داود ، نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، نا يحيى بن حمزة ، نا يزيد بن أبي مريم أن القاسم بن مخيمرة أخبره أن أبا مريم الأزدي أخبره بذلك .

قوله : ما أنعمنا بك . كلمة يقولها الرجل لصاحبه إذا جاءه وألم به ، [ ص: 533 ] ولا يقال : ذلك إلا لمن يعتد بلقائه ويسر برؤيته كأنه يقول : ما جاءنا بك وما الذي دعاك إلى أن أتيتنا فأنعمتنا : أي سررتنا بلقائك ، والنعمة : المسرة مضمومة النون يقال : نعم ونعمة عين قال الشاعر :


تراب لأهلي لا ولا نعمة لهم لشد إذا ما قد تعبدني أهلي

ومن هذا قولهم : نعم الله بك عينا وأنعم الله بك عينا : أي أقر بك عين من تحبه ، وكان بعض السلف يكره أن يقال : نعم الله بك عينا .

[وقال : إن الله لا ينعم بشيء ، قال : وإنما يقال : أنعم الله بك عينا] .

وفيه وجه آخر : وهو أن يكون معناه ما الذي أعملك نحونا وجشمك المصير إلينا من قولهم : تنعم الرجل إذا مشى حافيا .

قال بعض أهل اللغة : معناه أن يمشي على نعامة رجله .

قال غيره : إنما قلبت هذه الكلمة على طريق التفاؤل ، وذلك أن الرجلة بؤس وعناء فصرفوها من طريق الفأل إلى النعمة والرخاء فقالوا : تنعم الرجل إذا مشى حافيا ويقال : في مثل هذا ما عزنا بك .

ومنه حديث علي : أخبرناه ابن هاشم ، نا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبان ، عن رجل ذكره : أن أبا موسى الأشعري عاد الحسن بن علي فدخل علي فقال : ما عزنا بك أيها الشيخ ، فقال : سمعت بوجع ابن أخي فأحببت أن أعوده .

[ ص: 534 ] يقال : عززت الرجل إذا جئته زائرا وفلان عزيز في بني فلان إذا كان نزيلا فيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية