الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما فإذا أصاب دما حراما بلح"   .

أخبرناه ابن داسة نا أبو داود ثنا مؤمل بن الفضل ثنا محمد بن شعيب عن خالد بن دهقان نا عبد الله بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء.

قوله: بلح معناه أعيا وانقطع يقال بلح الفرس إذا انقطع جريه وبلحت الركية إذا ذهب ماؤها وبلح الغريم إذا أفلس والمعنى في هذا كله يرجع إلى شيء واحد قال متمم بن نويرة يصف فرسا:


ملح إذا بلحن في الوعث لاحق سنابك رجليه بعقد حزام

وقال قيس بن الخطيم:


وإنا إذا ما ممترو الحرب بلحوا     نقيم بآساد العرين لواءها

[ ص: 204 ]

ومن هذا حديثه الآخر في الرجل الذي يدخل آخر الناس الجنة: "فيقال له: اعد ما بلغت قدماك فيعدو حتى إذا بلح . . . " .

وقوله: معنقا مأخوذ من العنق وهو انبساط السير يقال دابة معناق قال الشاعر:


ومن سيرها العنق المسبطر     والعجرفية بعد الكلال

والمعنق من أوصاف المبالغة.

ومن هذا حديثه الآخر في قصة الغار حدثنيه ابن الفارسي نا عبدان الجوالقي نا داهر بن نوح ثنا عبد الله بن عرادة ثنا داود بن أبي هند نا أبو العالية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه أنه قال: "إن رهطا ثلاثة انطلقوا فأصابتهم السماء فلجؤوا إلى غار فبينما هم فيه إذ انقلعت صخرة من قلة الجبل حتى تدهدهت حتى جثمت على باب الغار" قال: "فقال القوم بعضهم لبعض كف المطر وعفا الأثر ولن يراكم أحد إلا الله فلينظر كل رجل منكم أفضل عمل عمله قط فليذكره ثم ليدع الله" وساق الحديث بطوله قال فانفجرت الصخرة فانطلقوا معانقين أي مسارعين من العنق. [ ص: 205 ] وأما حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه قال: "من مات ولم يشرك بالله شيئا ولم يتند من دماء الحرام بشيء دخل من أي أبواب الجنة شاء" .

فمعناه لم يصب منها شيئا يقال ما نديني من فلان بأس أي ما أصابني وما نديت بشيء قال النابغة:


وما نديت بشيء أنت تكرهه     إذا فلا رفعت سوطي إلي يدي

فأما قولهم: فلان يتندى على أصحابه فمعناه يتسخى عليهم والندى العطاء.

وأما الحديث الآخر أنه قال: "من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله" فإن شطر الكلمة نصفها.

وحدثني محمد بن سعدويه أنا ابن الجنيد عن قتيبة أنا الحميدي عن سفيان بن عيينة قال هو أن يقول أق .. أي اقتل وهذا كقوله: كفى بالسيف شا .. يريد شاهدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية