الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
177 - وقال: أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سحر "أنه جعل سحره في جف طلعة، ودفن تحت راعوفة البئر" [ ص: 113 ] .

من حديث ابن عيينة عن "هشام بن عروة" عن أبيه، عن "عائشة" [ - رضي الله عنها] .

قوله: "جف طلعة ":  يعني طلع النخل، وجفه: وعاؤه الذي [ ص: 114 ] يكون فيه، والجف أيضا في غير هذا: هو شيء من جلود الإبل كالإناء يؤخذ فيه ماء السماء إذا جاء المطر، يسع نصف قربة أو نحوه ومنه قول الراجز:

كل عجوز رأسها كالكفه

تحمل جفا معها هرشفه

فالجف ها هنا ما أعلمتك.

والهرشفة: يقال: إنها خرقة؛ أو قطعة كساء، أو نحوه تنشف بها [ ص: 115 ] .

الماء من الأرض، ثم تعصره في الجف، وذلك في قلة الماء.

وبعضهم يقول: الهرشفة من نعت العجوز، وهي الكبيرة.

والجف أيضا في غير هذين: جماعة الناس، ومن ذلك، قول "النابغة ":

في جف تغلب واردي الأمرار [ ص: 116 ] أي يريد جماعتهم.

وكان "أبو عبيدة" يرويه: في جف "ثعلب ".

قال: يريد "ثعلبة بن سعد ".

والجفة مثل الجف، [وهي] الجماعة أيضا.

قال: ومنه حديث بلغني عن "شريك" عن "أبي الجويرية" عن "ابن عباس" قال:

"لا نفل في غنيمة حتى تقسم جفة" أي كلها

وأما [قوله] : راعوفة البئر،  فإنها صخرة تترك في أسفل البئر إذا احتفرت تكون ناتئة هناك، فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقي عليها [ ص: 117 ] .

ويقال: بل هو حجر في بعض البئر صلبا لا يمكنهم حفره، فيترك على حاله.

ويقال [بل] هو حجر يكون على رأس البئر يقوم عليه المستقى.

وقد روى بعض المحدثين هذا الحديث أنه جعل سحره في جب طلعة.

ولا أعرف الجب إلا البئر التي ليست بمطوية [ ص: 118 ] .

وكذلك قال "أبو عبيدة"

وهو قول الله - تبارك وتعالى - في كتابه: "في غيابة الجب" ولا أرى المحفوظ في الحديث إلا الجف [ - بالفاء - ] .

قال "أبو عبيد ": يقال: أرعوفة البئر وراعوفه.

التالي السابق


الخدمات العلمية