189 - وقال في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 201 ] : "أبو عبيد"
" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" [ ص: 202 ] .
قال: حدثنيه عن "شبابة" عن "ورقاء بن عمر" عن "أبي الزناد" عن "الأعرج" عن النبي صلى الله عليه وسلم. "أبي هريرة"
وهذا الحديث يحمله أكثر الناس على كراهة الموت، ولو كان الأمر هكذا لكان ضيقا شديدا، لأنه بلغنا عن غير واحد من الأنبياء [ - عليهم السلام - ] أنه كرهه حين نزل به.
وكذلك كثير من الصالحين.
وليس وجهه عندي أن يكون يكره علز الموت وشدته، هذا لا يكاد يخلو منه أحد، ولكن المكروه من ذلك الإيثار للدنيا، والركون إليها، والكراهة أن يصير إلى الله [ - عز وجل - ] ، وإلى الدار الآخرة، [ ص: 203 ] ويؤثر المقام في الدنيا.
ومما يبين ذلك أن الله - جل ثناوه - قد عاب قوما في كتابه بحب الحياة [الدنيا] ، فقال [ - سبحانه - ] : إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها
وقال [ - عز وجل - ] : ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب [ ص: 204 ] .
وقال [ - سبحانه - ] : ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم
في آي كثير.
فهذا الدليل على أن الكراهة - للقاء الله - تبارك وتعالى - ليس بكراهة الموت، إنما هو الكراهة للنقلة عن الدنيا إلى الآخرة، ومخافة العقوبة لما قدمت أيديهم.
وقد جاء بيان ذلك في حديث.
قال: حدثني عن "يحيى بن سعيد" "زكرياء" قال: حدثنا - "عامر" عن عن "شريح بن هانئ" [ - رضي الله عنها - ] قالت [ ص: 205 ] : "عائشة"
قال رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] :
"من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، والموت دون لقاء الله ".
قال أفلا ترى أن الموت غير اللقاء. "أبو عبيد ":
وإنما وقعت الكراهة على اللقاء دون الموت.
وقد روي في حديث آخر أنه قيل له: كلنا نكره الموت، فقال: "إنه إذا كان ذلك كشف له" [ ص: 206 ] .
وهذا شبيه بذلك المعنى أيضا.