الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
202 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه ".  

قال: حدثناه "يحيى بن سعيد" عن "هشام بن عروة" عن "أبيه" عن "عائشة" [رضي الله عنها] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 243 ] :

قال "أبو عبيد ": وقد جاء في هذا الحديث الرخصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التمني، وهو في التنزيل نهي، قال الله - تبارك وتعالى - : "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ".  

ولكل وجه غير وجه صاحبه.

فأما التمني المنهي عنه، فأن يتمنى الرجل مال غيره أن يكون ذلك له، ويكون ذاك خارجا منه على جهة الحسد من هذا له، والبغي عليه [ ص: 244 ] .

وقد روي في بعض الحديث ما يبين هذا.

قال: حدثني "كثير بن هشام" عن "جعفر بن برقان" عن "ميمون بن مهران" قال: مكتوب في الحكمة، أو قال: فيما أنزل الله [عز وجل] على "موسى" [عليه السلام] : "ألا تتمنى مال جارك، ولا امرأة جارك ".

فهذا المكروه الذي فسرناه.

وأما المباح، فأن يسأل الرجل ربه أمنيته من أمر دنياه وآخرته.

قال "أبو عبيد ": فجعل التمني هاهنا المسألة، وهي الأمنية التي [ ص: 245 ] أذن فيها، لأن القائل إذا قال: ليت الله يرزقني كذا وكذا، فقد تمنى ذلك الشيء أن يكون له، ألا تراه يقول - تبارك وتعالى - : واسألوا الله من فضله .

وهو تأويل الحديث الذي فيه الرخصة.

التالي السابق


الخدمات العلمية