الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
204 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"الزبير ابن عمتي، وحواري من أمتي"   [ ص: 249 ] .

قال: حدثناه "أبو معاوية" عن "هشام بن عروة" عن "محمد ابن المنكدر" عن "جابر [بن عبد الله] " عن النبي [ - صلى الله عليه وسلم - ] :

يقال - والله أعلم - : إن أصل هذا إنما كان بدؤه من الحواريين أصحاب "عيسى بن مريم" [صلوات الله عليه وعلى نبينا]

وإنما سموا حواريين، لأنهم كانوا يغسلون الثياب. يحورونها، وهو التبييض.  

يقال: حورت الشيء: [إذا] بيضته [ ص: 250 ] .

ومنه قيل: امرأة حوارية: إذا كانت بيضاء، قال الشاعر:


فقل للحواريات يبكين غيرنا ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح

قال وكان "أبو عبيدة" يذهب بالحواريات إلى نساء الأمصار دون أهل البوادي.

وهذا عندي يرجع إلى ذلك المعنى، لأن عند هؤلاء من البياض ما ليس عند أولئك، فسماهن حواريات لهذا.

فلما كان "عيسى ابن مريم" [ ص: 251 ] .

صلى الله عليه وسلم - نصره هؤلاء الحواريون، فكانوا شيعته، وأنصاره دون الناس، فقيل: فعل الحواريون كذا، ونصره الحواريون بكذا، جرى هذا على ألسنة الناس حتى صار مثلا لكل ناصر، فقيل: حواري، إذا كان مبالغا في نصرته تشبيها بأولئك.

هذا كما بلغنا - والله أعلم.

وهذا مما قلت لك: إنهم يحولون اسم الشيء إلى غيره إذا كان من سببه.

التالي السابق


الخدمات العلمية