الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
453 - قال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء "أنه كان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة".  

قال: حدثنيه "يحيى بن سعيد القطان" عن "ابن عجلان" عن "القعقاع بن حكيم" عن "أبي صالح" عن "أبي هريرة" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم قال "أبو عمرو" وغيره: أما الروث فروث الدواب [ ص: 241 ] .

وأما الرمة، فإنها العظام البالية، قال "لبيد":


والنيب إن تعرمني رمة خلقا بعد الممات فإني كنت أتئر

قال: "أبو عبيد": والرميم: مثل الرمة، قال الله - تبارك وتعالى - : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم

يقال منه: قد رم العظم وهو يرم، ويروى [منه] أن [ ص: 242 ] "أبي بن خلف" أنه لما نزلت هذه الآية أتى بعظم بال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يفته، ويقول: أترى الله يا "محمد" يحيي هذا بعد ما قد رم؟

[قال "أبو عبيد"] ; وفي حديث آخر أنه نهى أن يستنجى برجيع أو عظم.  فأما الرجيع، فقد يكون الروث، والعذرة جميعا، وإنما سمي رجيعا; لأنه رجع عن حاله الأولى، بعد أن كان طعاما أو علفا إلى غير ذلك.

وكذلك كل شيء يكون من قول أو فعل يرد، فهو رجيع; لأن معناه مرجوع، أي مردود [ ص: 243 ] .

وقد يكون الرجيع الحجر الذي قد استنجى به مرة، ثم رجع إليه فاستنجى به، وقد روي عن مجاهد أنه كان يكره أن يستنجي بالحجر الذي قد استنجى به مرة.

وفي غير هذا الحديث أنه أتي بروث في الاستنجاء، فقال: "إنه ركس"  وهو شبيه المعنى بالرجيع.

يقال: ركست. الشيء وأركسته لغتان: إذا رددته، قال الله - تبارك وتعالى - : والله أركسهم بما كسبوا وتأويله فيما نرى: أنه ردهم إلى كفرهم [ ص: 244 ] .

[قال: وفي الرجيع وجه آخر أنه أراد الحجر الذي قد استنجي به مرة، وكره أن يرجع إلى الاستنجاء به ثانية] .

التالي السابق


الخدمات العلمية