الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
571 - وقال أبو عبيد في حديث [رضي الله عنه ] : "حين ضرب الرجل الذي أقسم على "أم سلمة " ثلاثين سوطا كلها يبضع ويحدر " .

قال : هو من حديث ابن عيينة ، بلغني [ذلك ] عنه ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل : أن رجلا كان له حق على "أم سلمة " فأقسم عليها ، ثم ذكر الحديث [ ص: 144 ] .

قال الأصمعي : قوله : يبضع : يعني يشق الجلد ،  وقوله : يحدر : يعني يورم ولا يشق .

وقد اختلف الأصمعي وغيره في إعرابه ، فقال بعضهم : يحدر إحدارا ، من أحدرت ، وقال بعضهم : يحدر حدورا من حدرت .

وأظنهما لغتين ، إذا جعلت الفعل للضرب .

فأما إذا كان الفعل للجلد نفسه أنه الذي تورم ، فإنهم يقولون : قد حدر جلده يحدر حدورا ، لا اختلاف فيه أعلمه ، وقال عمر بن أبي ربيعة :


لو دب ذر فوق ضاحي جلدها لأبان من آثارهن حدورا

يعني الورم .

وكذلك يقال : حدرت السفينة في الماء .

وكل شيء أرسلته إلى أسفل حدورا وحدرا بغير ألف ، ولم أسمعه بالألف أحدرت .

ومنه سميت القراءة السريعة الحدر ؛ لأن صاحبها يحدرها حدرا ، وأما الحدور - بفتح الحاء - فإنه الموضع المنحدر .

يقال : وقعنا في حدور منكرة ، كقولك : في هبوط ، وصعود ، كل هذا بالفتح .

وقال الله - تبارك وتعالى - : سأرهقه صعودا

وكذلك الكؤود .

ومنه حديث يروى عن أبي الدرداء : "إن بين أيدينا عقبة كؤودا ، لا يجوزها إلا المخف [ ص: 145 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية