الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
617 - وقال أبو عبيد في حديث عمر - رضي الله عنه - عند الشورى حين طعن ،  فدخل عليه ابن عباس فرآه مغتما بمن يستخلف بعده ، فجعل ابن عباس يذكر له أصحابه ، فذكر " عثمان " فقال : كلف بأقاربه ، قال : فعلي ؟ قال : ذلك رجل فيه دعابة . قال : فطلحة ؟ قال : لولا بأو فيه .

قال : فالزبير ؟ قال : وعقة لقس .

قال : فعبد الرحمن بن عوف ؟ قال : أوه! ذكرت رجلا صالحا ، ولكنه ضعيف ، وهذا الأمر لا يصلح له إلا اللين من غير ضعف ، والقوي من غير عنف .

قال : فسعد ؟ قال : ذاك يكون في مقنب من مقانبكم " [ ص: 230 ] .

قال الكسائي ، واليزيدي ، وأبو عمرو وغير واحد دخل كلام بعضهم في بعض : قوله : "كلف بأقاربه" ، يعني شديد الحب لهم .

وقوله : "فيه دعابة" ، يعني المزاح .

وقوله : "لولا بأو فيه" البأو : الكبر والعظمة ، قال حاتم [الطائي ] :


فما زادنا بأوا على ذي قرابة غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر

وقوله : "وعقة لقس" - وبعضهم يقول : "ضبس" - ومعنى هذا كله : الشراسة وشدة الخلق ، وخبث النفس .

ومما يبين ذلك الحديث المرفوع : "لا يقولن أحدكم : خبثت نفسي ، ولكن ليقل : لقست نفسي " .  

[حدثنا أبو عبيد ] قال : حدثنيه يحيى بن سعيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم [ ص: 231 ] .

فالمعنى فيهما واحد ، ولكنه كره قبح اللفظ في خبثت .

وقوله : "يكون في مقنب من مقانبكم " فالمقنب : جماعة الخيل والفرسان ، يريد : أن سعدا صاحب جيوش ومحاربة ، وليس بصاحب هذا الأمر .

وجمع المقنب مقانب ، قال "لبيد " :


وإذا تواكلت المقانب لم يزل     بالثغر منا منسر معلوم

قال أبو عمرو : والمنسر ما بين ثلاثين فرسا إلى أربعين ، ولم أره وقت في المقنب شيئا .

قال أبو عبيد : منسر ومنسر .

التالي السابق


الخدمات العلمية