الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
667 - وقال " أبو عبيد " في حديث "عمر " [رضي الله عنه ] : "ليس الفقير الذي لا مال له ، إنما الفقير الأخلق الكسب " .

قد تأوله بعضهم على ضعف الكسب ، ولست أرى هذا شيئا ، من جهتين : إحداهما : أنه ذهب إلى مثل خلوقة الثوب ، ولو أراد ذلك ، لقال : الخلق الكسب ؛ لأنه إنما يقال : ثوب خلق ، ولا يقال : ثوب أخلق ، إلا أن تريد أن الثوب فعل ذلك ، فإنه [قد ] يقال : قد خلق الثوب ، وأخلق ، ولا يقال : هذا ثوب أخلق .

والجهة الأخرى : أنه إذا حمله على هذا ، فقد رد المعنى إلى الفقر أيضا ، فكيف يقول : الفقير الذي لا مال له ، والذي لا يكتسب المال [ ص: 301 ] .

ولكن وجهه عندي : أنه جعله مثلا للرجل الذي لا يرزأ في ماله ، ولا يصاب بالمصائب ، وأصل هذا أنه يقال للجبل المصمت - الذي لا يؤثر فيه شيء - : أخلق" والصخرة خلقاء : إذا كانت كذلك ، قال "الأعشى " :


قد يترك الدهر في خلقاء راسية وهيا وينزل منها الأعصم الصدعا

فأراد "عمر " أن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة ، لمن لم يقدم من ماله شيئا يثاب عليه هناك .

وهذا كنحو حديث "النبي" - عليه السلام - : "ليس الرقوب الذي لا يبقى له ولد ، إنما الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا " .  

التالي السابق


الخدمات العلمية