الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
735 - وقال " أبو عبيد " " في حديث " أبي ذر" - رحمه الله - حين ذكر القيام في شهر رمضان مع " النبي" - صلى الله عليه وسلم - قال: " فلما كانت ليلة ثالثة بقيت قام بنا حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح.

قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور وأيقظ في تلك الليلة أهله وبناته ونساءه"   [ ص: 44 ] .

وقال: حدثناه " هشيم" قال: أخبرنا " داود بن أبي هند" ، عن " الوليد ابن عبد الرحمن الجرشي" ، عن " جبير بن نفير" قال: حدثنا " أبو ذر" قال: شهدت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهر رمضان، فلم يقم بنا في شيء من الشهر حتى إذا كانت ليلة سابعة بقيت قام بنا إلى ثلث الليل، ثم لم يقم بنا ليلة سادسة بقيت، فلما كانت ليلة خامسة بقيت قام إلى شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه.

فقال: " إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلته".

قال: ثم لم يقم بنا ليلة رابعة بقيت، فلما كانت ليلة ثالثة بقيت قام بنا حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح.

قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور [ ص: 45 ] .

قال: وأيقظ في تلك الليلة أهله، وبناته، ونساءه".
 


قال: قوله: " الفلاح" تفسيره في الحديث، وهو على ما قيل، وأصل الفلاح: البقاء،  قال: " الأضبط بن قريع السعدي" في الجاهلية الجهلاء:


لكل هم من الهموم سعه والمسي والصبح لا فلاح معه

يقول: ليس مع كر الليل والنهار بقاء. [قال] : ومنه قول " عبيد [بن الأبرص] :

أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضعف وقد يخدع الأريب يقول: عش بما شئت من عقل أو حمق، فقد يرزق الأحمق، ويحرم العاقل.

وقد يقال: إنما قيل لأهل الجنة: مفلحون، لفوزهم ببقاء الأبد في الجنة [ ص: 46 ] .

فكان معنى الحديث: أن السحور به بقاء الصوم، فلهذا سماه فلاحا.  

التالي السابق


الخدمات العلمية