الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
772 - وقال " أبو عبيد " في حديث " عبد الله" [ - رحمه الله - ] [ ص: 103 ] في مسح الحصا في الصلاة،  قال مرة: " وتركها خير من مئة ناقة لمقلة".

قال: حدثنيه " محمد بن كثير" ، عن " الأوزاعي" أن " عبد الله" قال ذلك.

قال " أبو عبيد ": قوله: " مئة ناقة لمقلة"  المقلة: هي العين، يقول: تركها خير من مئة ناقة يختارها الرجل على عينه ونظره كما يريد.

قال " ابن كثير": قال " الأوزاعي": وإنما معنى قوله: خير من مئة ناقة، يقول: لو كانت لي فأنفقتها في سبيل الله، وفى أنواع البر.

قال " الأوزاعي": وكذلك كل شيء جاء في الحديث من مثل هذا.

قال " أبو عبيد ": ولا أعلم لهذه الأحاديث معنى إلا ما قال " الأوزاعي" مثل قول " عمر": " لأن أكون علمت كذا وكذا أحب إلي من حمر النعم، وأحب إلي من خراج مصر" وما أشبه ذلك.

وإنما تأويله على أني أقدمه في أبواب البر، وليس معناه على الاستمتاع به، والاقتناء له في الدنيا، ألا ترى أن " عمر" يقول عند موته: " لو أن لي [ ص: 104 ] طلاع الأرض ذهبا، لافتديت به من هول المطلع".

أفلست تعلم أنه لم يرد بالذهب الاستمتاع في الدنيا؟ .

وهو بين في حديث " الحسن" أيضا، قال: حدثني " أبو عثمان أحمد بن عثمان" ، عن " عبد الله بن المبارك" ، قال: حدثني " زائدة" ، عن " هشام" ، عن " الحسن" ، قال: إن كان الرجل ليصيب الباب من أبواب العلم، فينتفع به، فيكون خيرا له من الدنيا لو كانت له فجعلها في الآخرة، فهذا قد بين لك المعنى.

وأما قول " عمر": " لو أن لي طلاع الأرض ذهبا": يعني ملأها حتى يطالع أعلاه أعلى الأرض، فيساويه، ومما يبين ذلك قول " أوس" في القوس يصف معجسها، أنه ملء الكف فقال:


كتوم طلاع الكف لا دون ملئها ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا

وفي عجسها أربع لغات: [يقال] : عجس، وعجس، وعجس، ومعجس أيضا [ ص: 105 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية