الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
785 - وقال " أبو عبيد " في حديث " عبد الله" [ - رحمه الله - ] : " إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته"   [ ص: 125 ] .

قال: حدثناه " أبو اليقظان" ، عن " إبراهيم الهجري" ، عن " أبي الأحوص" ، عن " عبد الله".

قال: وحدثنيه " حجاج" ، عن " شعبة" ، عن " عبد الملك بن ميسرة" ، عن " أبي الأحوص" ، عن " عبد الله" ، قال: " إن هذا القرآن مأدبة الله، فمن دخل فيه، فهو آمن".

قوله: " مأدبة الله" فيه وجهان،  يقال: مأدبة ومأدبة، فمن قال: مأدبة أراد [به] الصنيع يصنعه الإنسان، فيدعو إليه الناس.

يقال منه: أدبت على القوم آدب أدبا، وهو رجل آدب، مثال فاعل، قال طرفة بن العبد":


نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر

وإنما تأويل الحديث أنه مثل، شبه القرآن بصنيع صنعه الله للناس لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم إليه، وقال " عدي بن زيد" يصف المطر والرعد، فقال [ ص: 126 ] :


زجل وبله يجاوبه دف     لخون مأدوبة وزمير

فالمأدوبة [هي] التي قد صنع لها الصنيع، فهذا تأويل من قال: مأدبة.

فأما من قال: مأدبة، فإنه يذهب به إلى الأدب يجعله من ذلك، ويحتج بحديثه الآخر: " إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته" ، وكان " الأحمر" يجعلهما لغتين: مأدبة بمعنى واحد، ولم أسمع أحدا يقول هذا غيره والتفسير الأول أعجب إلي.

التالي السابق


الخدمات العلمية