الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: سمك .

                              حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن ابن عباس: أشهد على أبي بكر قال: "كلوا السمكة الطافية"   .

                              حدثنا بندار، حدثنا ابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، عن حميد، عن بكر: رأيت ابن عمر نظر فإذا هو بالسماك فقال: "قد دنا طلوع الفجر"، فأوتر بركعة .  

                              حدثنا ابن عائشة، حدثنا نوح بن عيسى، حدثنا سلامة الكندي: كان علي يقول: قولوا: "اللهم داحي المدحوات، وبارئ المسموكات، اجعل شرائف صلواتك على محمد صلى الله عليه" قوله: "السمكة الطافية"،  هي ما تعرف، الجميع السمك، وتسمى أيضا حوتا وحيتان، ونونا ونينان أنشدنا أبو نصر:

                              [ ص: 570 ]

                              ولا ألواح درة هبرقي جلا عنها مختمها الكنونا     يلففها بديباج وخز
                              ويخرجها فتأتلق العيونا     رأى من دونها الغواص هولا
                              هراكلة وحيتانا ونونا



                              قوله: "ولا ألواح"   : إذا لاح بياضها وهبرقي: وهو الحداد فاضطر فجعله الغواص هراكلة: ما ضخم من السمك وامرأة هركولة: إذا كانت عظيمة قوله: "اللهم بارئ المسموكات" : السمك ما سمكت به حائطا والسماء مسموكة، وسنام سامك: أي مرتفع أنشدنا عمرو:


                              إن الذي سمك السماء بنى لنا     بيتا دعائمه أعز وأطول



                              قوله: " نظر إلى السماك فقال: قد دنا طلوع الفجر "، وليست كل السنة يطلع الفجر بعد طلوع السماك، إنما يكون هذا في أول التشرين الأول، لأن السماك يطلع في عشرين منه مع الفجر، فيمكث يطلع مع الفجر عشر ليال، وخمس عشرة ليلة مع الصبا والسماك، ثم يتقدم طلوعه فيرى في كل درجة عشرا أو خمس عشرة، حتى يرى مع المغرب وهما سماكان: السماك الرامح [ ص: 571 ] وهو الذي يتوسط الفلك، والسماك الأعزل أسفل منه مما يلي القبلة وهو كوكب أزهر، ولسقوطه بالغداة نوء ليله، أي: ما كان فيه من مطر، نسب إليه وله بارح ليله أي ما كان من ريح فمنسوب إليه وأكثر العرب يعجبهم المطر بنوء السماك ويستحبونه ويستسقون به، وكرهه بعضهم لا لمطره، ولكن لما ينبت عنه من المرعى؛ لأن نوءه يجيء وقد هاجت الأرض، أعني يبس نبتها، إلا أن في عرقه بقية من الثرى، فيصيب العرق المطر فينبت فيه الرطب، فيتصل بالنبت القديم فيأكله المال يعني الماشية، فذلك سم، ويصيب الماشية السهام؛ لأن سقوطه في سبع من نيسان، فكان ممن أحب نوءه ورضيه واستغدق مطره الأسود بن يعفر، قال:


                              هنأناهم حتى أعان عليهم     سوافي السماك بالسلاح السواجم



                              وقال آخر:


                              جاد السماكان كل إثر صاحبه     والمدجنات على الأحساء والقاع
                              حتى تغدر بطن السي في أنف     وقافلا منبذا في أهله الراع



                              [ ص: 572 ] وقال آخر:


                              جاد السماكان بقربانه     بالدلو والنثرة والعقرب



                              وقال حارثة بن أوس:


                              بين الكثيب وبين القف جادلها     نوء السماك فأجداها بنوا
                              في كل نصف لها وطفاء ساجحة     حتى استكانت بشقارى وجرجار



                              شقارى وجرجار: نبت وقال ذو الرمة:


                              أما استحلبت عينيك إلا محلة     بجمهور حزوى أو بجرعاء مالك
                              أناخت روايا كل دلوية به     وكل سماكي ملث المبارك

                              .

                              [ ص: 573 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية