الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث السادس والأربعون .

                              باب: شع .

                              حدثنا أحمد بن أيوب، عن إبراهيم، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر: " أن قريشا، أخذوا سعد بن عبادة فجعلوا يضربونه فجاء رجل أبيض وضيء شعشاع حلو، قلت: إن كان عند أحد خير فعند هذا فلما دنا لكمني لكمة شديدة وإذا هو سهيل بن عمرو " .

                              حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا ابن مبارك، حدثنا وهيب، عن موسى بن عقبة، عن سليمان بن عمر بن ثابت، عن جبير بن نفير، سمع أبا الدرداء، يقول: "أيما رجل أشاع على رجل ليشينه كان حقا على الله أن يذيبه بالنار"   .

                              حدثنا الدقيقي، عن يعقوب بن محمد، عن عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، عن المسور، عن ابن عباس، عن أبيه، عن عبد المطلب بن هاشم [ ص: 581 ] : أنه لقي رجلا من أهل الزبور، فقال: "هل لك شاعة؟" .

                              حدثنا أبو ظفر، حدثنا جعفر بن سليمان، عن المعلى، قال صفوان بن محرز: "إني أرى موضعا للشهادة لو تشايعني نفسي" .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد: " قوله: هباء منثورا ، شعاع الشمس يدخل من الكوة   " .

                              حدثنا أبو الأحوص، حدثنا هشيم، أخبرنا إسماعيل، عن الشعبي، عن علقمة: "لقد غلت هذه الشيعة في علي كما غلت النصارى في عيسى" .

                              حدثنا عيسى بن المنذر، حدثنا بقية، عن نمير بن يزيد الضبي، عن أبيه، سمع أبا أمامة، عن النبي صلى الله عليه قال: " إن مريم سألت ربها أن يطعمها لحما لا دم فيه فأطعمها الجراد  فقالت: "اللهم عيشه بلا رضاع، وتابع بينه بلا شياع" [ ص: 582 ] قوله: " فجاء رجل شعشاع  أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: رجل شعشاع، وشعشع إذا كان طويلا مضطربا، وشعشعان: خفيف اللحم وأنشدنا:


                              تحت حجاجي شدقم مضبور في شعشعان عنق يمخور



                              وقال الأصمعي: شعشع، وشعشعان: الطويل، وكذلك: شوقب، وصلهب، وشوذب، وشرجب، وسلهب، وجسرب، وسلب، وعشنط، وعشنق، وعنطنط، ونعنع، وشرمح، وصقعب، وشيظم، وأتلع، وشناح، وأشق، وأمق، ومتماحل، ويمخور، وهجرع، وحرجل، وأسقف، وقاق، وقوق، وجعشوش. وزاد أبو عمرو: سهوق، وسرطم، وعبعاب، والأعيط، وشيحان، وسرعرع، والقسيب مثله، والممهك، والممغط، والشمق، والخدب، والخشب، والشرعب، والخلجم، والسرحوب، والشرواط، والسلجم، والسوحق، والسهوق، والأسقف، والشغموم، والعمرد [ ص: 583 ] . قوله: "من أشاع على رجل يشينه"  أي أظهره شاع الشيء مشاعا وشيوعة فهو شائع إذا ظهر وقال أبو زيد وابن الأعرابي: شاع فيه القتير يشيع شيعا وشيعانا وشيوعا ومشيعا وقال أبو زيد: طار القوم شعاعا إذا تفرقوا. أخبرنا عمرو، عن أبيه: شيع: متفرق وأنشدنا لتميم:


                              شاقتك أخت بني دألان في ظعن     من هؤلى وأولى أنساؤها شيع



                              قوله: "هل لك من شاعة"  تفسيره في الحديث الزوجة ولم أسمعه إلا فيه قوله: "تشايعني نفسي" أي تتابعني على ما أريدها عليه والمشايعة: متابعتك إنسانا على أمره قال أبو نصر: الشيع: الأصحاب قال:


                              وبلدة يكره الجواب دلجتها     حتى تراه عليها يبتغي الشيع
                              كلفت مجهولها نفسي وشايعني     همي عليها إذا ما آلها لمعا



                              [ ص: 584 ] قوله: "الهباء شعاع الشمس"،  هو ما اتصل بعينك من ضوئها أشعت إشعاعا والجمع أشعة، وشعاع السنبل فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي هو ما تفرق من سفاه وأنشدنا:


                              تفلي له الريح ولما يقبل     لمة قفر كشعاع السنبل



                              وتطاير القوم شعاعا أي متفرقين قال:


                              وصار الجفاة الغواة العمون     شعاعا تفرق أديانه



                              والمتشايع: اللاحق أخبرنا عمرو، عن أبيه: وشع فيهم بهذا العطاء ": إذا كان قليلا أي اقسمه ويقال: وشع فيهم بعطاء قليل الوشيع: ما يبس من الشجر فسقط، وهو الضريع، والوشيع: ما جعل حول الحديقة من الشجر والشوك ليمنعها ممن دخل إليها وأوشع الدابة إذا أوجرها إيشاعا [ ص: 585 ] والوشيع: حصير من ثمام أو جثجاث وأنشدنا:


                              ديار عفت من عزة الصيف بعدما     تجد عليهن الوشيع المثمم



                              وقال الخليل: الوشيعة والجميع الوشائع خشبة يلف عليها الغزل والقطن بعد الندف، والوشيعة: قصبة الحائك التي فيها الغزل قال ذو الرمة:


                              به ملعب من معصفات نسجنه     كنسج اليماني برده بالوشائع



                              قوله: "قد غلت هذه الشيعة"  قوم يهوون هوى قوم وشيعة الرجل: أتباعه وقال أبو زيد: آتيك غدا أو شيعه، معناه أو بعد غد وقال الخليل: التشيع مقدار من العدد، أقمت شهرا أو شيع شهر وقال أبو عمرو: أوشعته في رأس الجبل: أصعدته والموشع: الذي ينسج التوادي والحصر ولا يقال: ينسج [ ص: 586 ] قوله: "بغير شياع" أصله دعاء الإبل إذا استأخر بعضها والشياع: صوت قصبة ينفخ فيها الراعي قال الشاعر:

                              حنين النيب تطرب للشياع وقال أبو عمرو: المشيع: الذي يشيع بإبله أي يهيب بها أي يصيح بها وتشيعت به الناقة: سارت وشعشعت الشراب إذا مزجته قال عمرو بن كلثوم:


                              مشعشعة كأن الحص فيها     إذا ما الماء خالطها سخينا



                              ورجل مشيع القلب إذا كان شجاعا قال: مشيع القلب ما من شأنه الفرق [ ص: 587 ] . . . . . وأوشعت البقول: أخرجت زهرتها قبل تفرق قال الطرماح:


                              فما جلس أبكار أطاع لسرحها     جنى ثمر بالواديين وشوع



                              وقال أبو عمرو: الشعشع: الطويل المهزول، والشعشع: الظل الذي فيه خصاص ولم يظل كله يقول فيه: فرق .

                              [ ص: 588 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية