[ ص: 623 ] المثال السابع :
أنه فإن ذلك سائغ أن يزيد على قدر الضرورة ، ويرتقي إلى قدر الحاجة في القوت والملبس والمسكن ، إذ لو اقتصر على سد الرمق لتعطلت المكاسب والأشغال ، ولم يزل الناس في مقاساة ذلك إلى أن يهلكوا ، وفي ذلك خراب الدين . لكنه لا ينتهي إلى الترفه والتنعم ، كما لا يقتصر على مقدار الضرورة . لو طبق الحرام الأرض ، أو ناحية من الأرض يعسر الانتقال منها وانسدت طرق المكاسب الطيبة ، ومست الحاجة إلى الزيادة على سد الرمق
وهذا ملائم لتصرفات الشرع وإن لم ينص على عينه ؛ فإنه قد أجاز . أكل الميتة للمضطر ، والدم ولحم الخنزير . . . وغير ذلك من الخبائث المحرمات
وحكى ابن العربي الاتفاق على جواز ، وإنما اختلفوا إذا لم تتوال . هل يجوز له الشبع أم لا ؟ وأيضا فقد أجازوا الشبع عند توالي المخمصة أيضا . فما نحن فيه لا يقصر عن ذلك . أخذ مال الغير عند الضرورة
وقد بسط هذه المسألة في " الإحياء " بسطا شافيا جدا ، وذكرها في كتبه الأصولية كـ " المنخول " و " شفاء الغليل " . الغزالي