المسألة التاسعة :  
إن الرواية الصحيحة في الحديث أن  افتراق اليهود كافتراق النصارى على إحدى وسبعين   ،      [ ص: 743 ] وهي في رواية  أبي داود  على الشك ! إحدى وسبعين ؟ أو ثنتين وسبعين ؟ وأثبت في  الترمذي  في الرواية الغريبة  لبني إسرائيل   الثنتين والسبعين لأنه لم يذكر في الحديث افتراق النصارى ، وذلك - والله أعلم - لأجل أنه إنما أجرى في الحديث ذكر  بني إسرائيل   فقط ، لأنه ذكر فيه عن  عبد الله بن عمر     - رضي الله عنهما - قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك . وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي  الحديث . وفي  أبي داود  ، اليهود والنصارى معا إثبات الثنتين والسبعين من غير شك .  
وخرج   الطبري  وغيره الحديث على أن  بني إسرائيل   افترقت على إحدى وسبعين ملة ، وافترقت هذه الأمة على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة .  
فإن بنينا على إثبات إحدى الروايتين فلا إشكال ، لكن في رواية الإحدى والسبعين تزيد هذه الأمة فرقتين ، وعلى رواية الاثنتين والسبعين تزيد فرقة واحدة ، وثبت في بعض كتب الكلام في نقل الحديث أن اليهود افترقت على إحدى وسبعين ، وأن النصارى افترقت على اثنتين وسبعين فرقة ، ووافقت سائر      [ ص: 744 ] الروايات في افتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة . ولم أر هذه الرواية هكذا فيما رأيته من كتب الحديث ، إلا ما وقع في جامع  ابن وهب  من حديث  علي     - رضي الله عنه - وسيأتي .  
وإن بنينا على إعمال الروايات . فيمكن أن تكون رواية الإحدى والسبعين وقت أعلم بذلك، ثم أعلم بزيادة فرقة ، إما أنها كانت فيهم ولم يعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم [ إلا ] في وقت آخر ، وإما أن تكون جملة الفرق في الملتين ذلك المقدار فأخبر به ، ثم حدثت الثانية والسبعون فيهما فأخبر بذلك عليه الصلاة والسلام .  
وعلى الجملة فيمكن أن يكون الاختلاف بحسب التعريف بها أو الحدوث ، والله أعلم بحقيقة الأمر .  
				
						
						
