175 - حدثنا قال: أخبرنا محمد، أخبرنا أبو عبيد إبراهيم بن سليمان، عن بإسناد له [ ص: 238 ] .غير أنه ليس مما يحتج به أهل الحديث، إنما الحجة فيه ما أعلمتك من التأويل ، ومن اسم الماء. فهذا حكم مبلغ القلتين والثلاث فإذا قصر الماء عنهما ، فلم يبلغهما فإنه الذي ينجس بقليل ما يدخله من الأقذار وكثيره ، كالقطرة من الدم والبول والغائط يخالطه ، فتشمله كله حينئذ النجاسة ، ولا يطهر منه شيء أبدا ، حتى ينزح من عند آخره ، وإن لم يغير منه طعما ولا ريحا. الأحوص بن حكيم،
وقد تكلم الناس في القلال ، فقال بعض أهل العلم: هي الجرار ، وقال آخرون: هي الحباب ، وهذا القول الذي أختاره وأذهب إليه ، إنها الحباب ، وهي: قلال هجر ، معروفة عندهم وعند العرب مستفيضة. وقد سمعنا ذكرها في أشعارهم ، وقد يكون بالشام أيضا والجزيرة ، وتلك الناحية ، وكل هذا الذي اقتصصناه إنما هو في الماء الدائم الذي لا مادة له ، وذلك مثل الغدران والمصانع والصهاريج والحياض والبرك ، وأما الماء المعد الذي له [ ص: 239 ] المواد مثل الآبار والعيون ونحوها فالقول فيها من بعض العلماء غير ذلك ، وهما عندنا سيان ، وقد ذكرنا أقوالهم بعد هذا الباب.
وأما حديث في أربعين قلة الذي رواه عنه عبد الله بن عمرو فإنه مرسل لا نعلمه سمع منه شيئا فإن كان هذا محفوظا فليس معناه عندنا قلال هجر ، لأن الناس قد كانوا يسمون الكيزان التي يشرب فيها قلالا يكون مبلغ الكوز منها ، الرطلين والثلاث وأكثر من ذلك ، وقد رأيناها نحن قبل أن يحدث الناس الكيزان الصغار ، فوجه حديث محمد بن المنكدر عندي ، تلك القلال إن كان حفظ ، وكذلك وجه حديث عبد الله بن عمرو في القول في أربعين ، والشاهد لقولنا حديث أبي هريرة الآخر ، وهو قوله: أبي هريرة وإن استحم فيه خبث" فذكر أربعين قلة في موضع ، وأربعين دلوا في آخر ، فهذا ينبئك أنها هذه القلال التي وصفناها ، لأن القلة منها نحو من الدلو ، فإذا اجتمع من هذه أربعون ، كانت نحوا من القلتين والثلاث من قلال هجر ، فحديثه [ ص: 240 ] وحديث "لا يخبث أربعين دلوا شيء ، ليسا بخلاف الحديث المرفوع ، بل هما موافقاه إن شاء الله. عبد الله بن عمرو
قال وهكذا حديث أبو عبيد: في توقيت الكر ، هو عندي راجع إلى هذا المعنى ، وذلك أنه إنما أراد بالكر: مكيال زمانه يومئذ ، وكان يقال له: الحجاجي وهو ربع الهاشمي الأول ، وخمس هذا الملحم ، ولا أحسب خمس كرنا اليوم يملأ أكثر من قلتين أو ثلاث من قلال هجر ، وهي الحباب العظام التي وصفنا ، وأرى أقوال العلماء من الصحابة والتابعين حين وقتوا مواقيت الماء راجعة كلها إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مبلغ القلتين أو الثلاث. [ ص: 241 ] ابن سيرين