الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
باب ذكر الماء النجس يتوضأ به ولا يعلم ذلك إلا بعد الصلاة.  

186 - حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد ثنا ابن أبي زائدة، عن ابن سبرة، عن الشعبي، أنه قال في الدجاجة تموت في البئر   "يستقى منها سبعون دلوا" ، قال: فقيل للشعبي أرأيت ما صلينا قبل ذلك أنعيده؟ ، قال: "لا" .

قال أبو عبيد: ثم اختلف الناس في هذا بعد ، فكان مالك بن أنس يقول: إذا تغيرت في البئر وتفسخت حتى ينجس البئر ، فإنهم يعيدون كل صلاة صلوها بذلك الماء ، ويغسلون الثياب التي أصابها منه ، ولم يكن يجعل لإعادة الصلوات عددا معلوما ، وكان سفيان - فيما أحسب - يقول: [ ص: 250 ] تعاد صلاة ثلاثة أيام .

وأما أهل الرأي: فمختلفون ، فقالت فرقة: مثل هذا القول في إعادة الثلاث ، وقال آخرون منهم: لا إعادة عليهم إلا أن يعلموا وقت موتها في البئر ، يعيدوا ما صلوا من ذلك اليوم ، قالوا: فإن لم يعلموا لم يلزمهم شيء ، لأنه عسى أن يكون صبي أو غيره ، ألقاها في البئر وهي ميتة أو متغيرة تلك الساعة .

قال أبو عبيد: وإن الذي عندنا في هذا ، أنا نقول: إن علموا وقت موتها في البئر وكان الماء كثيرا يزيد على القلتين والثلاثة فلا إعادة عليهم كما قال الشعبي ، فإنه لم يأتنا فيه قول أعلى منه ، وهذا فيما لم تغلب النجاسة عليه ، وإن غلبت بطعم أو ريح ، كانت عليهم إعادة كل صلاة صلوها ، منذ يومئذ ، وكذلك يغسلون كل ثوب أصابه منه شيء. كما قال مالك.

ولا يؤكل من طعام خبز به قليل ولا كثير ، ولكن يلقى للحمام والدجاج ، فإن لم يكن لهم علم بالوقت الذي ماتت فيه الدابة ، إنما [ ص: 251 ] وجدوها ميتة في الماء ، فإن هذا ليس فيه سنة موقتة في عدد الصلوات ، إنما هو الأخذ بالاحتياط والثقة ، والعمل فيه أن يعيدوا صلاتهم حتى تثلج صدورهم ، وتطمئن قلوبهم ، إلى ما فيه من السلامة والاستبراء لصلاتهم ، فإنما تشبهه برجل ترك صلوات لا يعلم عددها ، فليس في هذا شيء موقت ولا محدود ، والذي يجب عليه ، أن يعيد ما كان منه في شك حتى يصير على يقين أنه قد أحاط بكل شيء ترك، فكذلك المصلي بالوضوء النجس هو كمن لم يصل.

التالي السابق


الخدمات العلمية