الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
204 - حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبع مرات أولهن أو آخرهن بالتراب والهر مرة" ،  ولم يرفعه أيوب .

قال أبو عبيد: والثابت أنه مرفوع ولكن أيوب كان ربما [ ص: 268 ] أمسك عن الرفع.

[ ص: 269 ] وقد تكلم الناس بعد في هذا الباب ، فقال بعضهم: إنما معنى الغسل سبع مرات على الطهارة وإن كان أقل من سبع أو أكثر وليس هو على عدد معلوم ، وإن الذي عندنا في ذلك الاتباع لما جاء فيه ، ولا نرى أن ينقص من عدده شيء ، لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان أعلم بما يتأول هؤلاء منهم ، ولكن هذه سنة خص بها الكلب فنحن نتبعها.

ثم تكلموا في هذا السؤر ، فقال بعضهم: يغسل الإناء على ما جاء فيه ولكن الماء لا ينجس ، وقال آخرون بل ينجس الماء كما ينجس الإناء [ ص: 270 ] .

قال أبو عبيد: وهذا هو القول الذي أختاره ، أنه إذا نجس الإناء فالماء أنجس ، لأن الولوغ إنما كان فيه ، ولأن نجاسة الإناء إنما هو فضل ما في الماء منها ، فكيف تتخطى إليه ويدع الماء. وهذا ما لا وجه له عندنا.

وهذه الأحاديث التي جاءت في سؤر الكلب والتغليظ هي حجة لمذهبنا في القلتين والثلاث لأن الذي يعرف الناس من آنيتهم ، أنها مثل الجفنة والصحفة والمطهرة والتور ونحو ذلك.

وكل هذا دون القلتين فمن أجله تنجس كله.

وقد اختلف القول فيه عن مالك في الكلاب ، فحكى بعضهم عنه: أنه كان لا يجعل معنى هذا الحديث لكلاب الصيد والماشية ، يقول: إنما هذه مثل الهرة التي يقتنيها الناس .

قال أبو عبيد: وروي عنه قول آخر: أنه كان يعم به الكلاب كلها .

قال أبو عبيد: وكذلك القول عندنا على العموم لجميعها ، لأنا لا نخص إلا ما خصت السنة ، ولم يأتنا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خصوصية شيء منها دون شيء ، فهي عندنا على كل الكلاب. [ ص: 271 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية