160 - أخبرنا إبراهيم، حدثنا محمد، حدثنا سعيد، قال: سمعت عن ابن المبارك، حدثنا جعفر بن سليمان، عن سعيد الجريري، أبي نضرة العبدي، قال: "قال لي صاحب لي وأنا أسير بن جابر بالكوفة: هل لك في رجل تنظر إليه؟ قلت: نعم. قال: أما أن هذه مدرجته، وأظنه سيمر بنا الآن. فجلسنا له، فمر، فإذا رجل عليه سمل قطيفة قال: والناس يطؤون عقبه وهو مقبل عليهم، فيغلظ لهم، ويكلمهم في ذلك ولا ينتهون عنه، فمضينا مع الناس حتى دخل مسجد الكوفة، ودخلنا معه، [ ص: 153 ] فنحى إلى سارية، فصلى ركعتين، ثم أقبل إلينا بوجهه، ثم قال: يا أيها الناس مالي ولكم، تطؤون عقبي في كل سكة، وأنا إنسان ضعيف، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم، فلا تفعلوا رحمكم الله، من كان منكم له إلي حاجة، فليقل لي هاهنا. ثم قال: إن هذا المجلس يغشاه ثلاثة نفر مؤمن: فقيه، ومؤمن لم يفقه، ومنافق، ولذلك مثل في الدنيا: مثل الغيث ينزل من السماء إلى الأرض، فيصيب الشجرة المورقة المونعة المثمرة، فيزيد ورقها حسنا، ويزيدها إيناعا، ويزيد ثمرها طيبا. ويصيب الشجرة المورقة المونعة التي ليس لها ثمرة، فيزيدها إيناعا، ويزيد ورقها حسنا، ويكون لها ثمرة فتلحق بأختها. ويصيب الهشيم من الشجر، فيحطمه، فيذهب به. ثم قرأ هذه الآية: عن وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا اللهم ارزقني شهادة يسبق بشراها آذاها، وأمنها فزعها، توجب لي بها الحياة والرزق. ثم سكت" قال أسير: قال لي صاحبي: كيف رأيت الرجل؟ قلت: ما ازددت فيه إلا رغبة، ومالنا بالذي أفارقه. فلزمناه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى ضرب على الناس يعث، فخرج صاحب القطيفة فيه، وخرجنا معه قال: فكنا نسير معه، وننزل معه حتى نزلنا بحضرة العدو. [ ص: 154 ]
161 - أخبرنا إبراهيم، حدثنا محمد، حدثنا سعيد، قال عن ابن المبارك، عن حماد بن سلمة، الجريري، عن عن أبي نضرة، قال: "فنادى مناد: يا خيل الله، اركبي، وأبشري. قال: فجاء مرفلا، فصف الناس لهم. قال: وانتضى صاحب القطيفة سيفه، وكسر جفنه، فألقاه، ثم جعل يقول: تمنوا، تمنوا، لتمت وجوه، ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة، يا أيها الناس، تمنوا، تمنوا. فجعل يقول ذلك ويمشي والناس معه، وهو يقول ذلك ويمشي، إذ جاءته رمية، فأصابت فؤاده، فبرد مكانه، كأنما مات منذ دهر" قال أسير بن جابر حماد في حديثه: "فواريناه بالتراب".