4 - ( 4 ) - } إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا . حديث : { [ ص: 19 ] الشافعي والأربعة وأحمد وابن خزيمة وابن حبان ، والحاكم والدارقطني ، من حديث والبيهقي عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه ، ولفظ أبي داود : { }ولفظ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء . وما ينوبه من السباع والدواب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث فقال : { الحاكم }. وفي رواية إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء لأبي داود : " فإنه لا ينجس " قال وابن ماجه : صحيح على شرطهما ، وقد احتجا بجميع رواته . الحاكم
وقال ابن منده : إسناده على شرط ، ومداره على مسلم ، فقيل : عنه ، عن الوليد بن كثير محمد بن جعفر بن الزبير ، وقيل : عنه ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، وتارة : عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، وتارة : عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، والجواب : أن هذا ليس اضطرابا ، قادحا فإنه على تقدير أن يكون الجميع محفوظا انتقال من ثقة إلى ثقة ، وعند التحقيق : الصواب أنه عن ، عن الوليد بن كثير محمد بن عباد بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر المكبر ، وعن محمد بن جعفر بن الزبير ، وعن عبد الله بن عبد الله بن عمر المصغر ، [ ص: 20 ] ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم .
وقد رواه جماعة ، عن ، عن أبي أسامة على الوجهين ، وله طريق ثالثة رواها الوليد بن كثير وغيره ، من طريق الحاكم ، عن حماد بن سلمة عاصم بن المنذر ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، وسئل ابن معين عن هذه الطريق ، فقال : إسناد جيد ، قيل له : فإن ابن علية لم يرفعه ؟ فقال : وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإسناد . وقال في التمهيد : ما ذهب إليه ابن عبد البر من حديث القلتين ، مذهب ضعيف من جهة النظر ، غير ثابت من جهة الأثر ، لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم ، ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع . وقال في الاستذكار : حديث معلول ، رده الشافعي القاضي ، وتكلم فيه . إسماعيل
وقال : إنما لم نقل به لأن مقدار القلتين لم يثبت ، وقال الطحاوي ابن دقيق العيد : هذا الحديث قد صححه بعضهم ، وهو صحيح على طريقة الفقهاء ، لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفا في بعض ألفاظه ، فإنه يجاب عنها بجواب صحيح ; بأن يمكن الجمع بين الروايات ولكني تركته لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعا .
، قلت : كأنه يشير إلى ما رواه تعيين مقدار القلتين ابن عدي من حديث : { ابن عمر هجر ، لم ينجسه شيء }وفي إسناده إذا بلغ الماء قلتين ، من قلال المغيرة بن سقلاب ، وهو منكر الحديث ، قال النفيلي : لم يكن مؤتمنا على الحديث ، وقال ابن عدي : لا يتابع على عامة حديثه . وأما ما اعتمده في ذلك فهو ما ذكره في الأم والمختصر بعد أن روى حديث الشافعي ، قال : أخبرنا ابن عمر ، عن مسلم بن خالد الزنجي ، بإسناد لا يحضرني ذكره : أن [ ص: 21 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن جريج } ، وقال في الحديث : " بقلال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا هجر " ، قال : ورأيت قلال ابن جريج هجر ، فالقلة تسع قربتين ، أو قربتين وشيئا ، قال : فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا ، فإذا كان الماء خمس قرب ، لم يحمل نجسا في جر كان أو غيره ، وقرب الشافعي الحجاز كبار ، فلا يكون الماء الذي يحمل النجاسة إلا بقرب كبار انتهى كلامه .
وفيه مباحث :
( الأول ) في تبيين الإسناد الذي لم يحضر ذكره . الشافعي
( والثاني ) في كونه متصلا أم لا .
( والثالث ) في كون التقييد بقلال هجر في المرفوع .
( والرابع ) في ثبوت كون القربة كبيرة لا صغيرة .
( الخامس ) في ثبوت التقدير للقلة بالزيادة على القربتين .
( فالأول ) في بيان الإسناد ، وهو ما رواه الحاكم أبو أحمد وغيرهما من طريق والبيهقي ، عن أبي قرة موسى بن طارق قال : أخبرني ابن جريج محمد ، أن يحيى بن عقيل أخبره ، أن يحيى بن يعمر أخبره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { }قال : فقلت إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا ليحيى بن عقيل : أي قلال ؟ قال : قلال هجر . قال محمد : رأيت قلال هجر ، فأظن كل قلة تأخذ قربتين . وقال : حدثنا الدارقطني أبو بكر النيسابوري ، حدثنا أبو حميد المصيصي ، حدثنا ، عن حجاج مثله ، وقال في آخره : قال : فقلت ابن جريج ليحيى بن عقيل : قلال هجر ؟ قال : قلال هجر . قال : فأظن أن كل قلة تأخذ قربتين . قال الحاكم أبو أحمد : محمد شيخ بن جريج ، هو محمد بن يحيى ، له رواية عن ، أيضا . قلت : وكيف ما كان فهو مجهول [ ص: 22 ] يحيى بن أبي كثير
( الثاني ) في بيان كون الإسناد متصلا أم لا ، وقد ظهر أنه مرسل ; لأن يحيى بن يعمر تابعي ، ويحتمل أن يكون سمعه من ، لأنه معروف من حديثه ، وإن كان غيره من الصحابة رواه ، لكن ابن عمر يحيى بن يعمر معروف بالحمل عن ، وقد اختلف فيه على ابن عمر ، رواه ابن جريج في مصنفه عنه ، قال : حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الرزاق }قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ، ولا بأسا : زعموا أنها قلال ابن جريج هجر ، قال : قال عبد الرزاق ، قال الذي أخبرني عن القلال : فرأيت قلال ابن جريج هجر بعد فأظن أن كل قلة تأخذ قربتين .
( البحث الثالث ) في كون التقييد بقلال هجر ليس في الحديث المرفوع ، وهو كذلك إلا في الرواية التي تقدمت قبل ، من رواية المغيرة بن سقلاب ، وقد تقدم أنه غير صحيح . لكن أصحاب قووا أن المراد قلال الشافعي هجر ، بكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم ، كما قال أبو عبيد في كتاب الطهور ، وكذلك ورد التقييد بها في الحديث الصحيح ، قال : قلال البيهقي هجر كانت مشهورة عندهم ، ولهذا شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى : " فإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، وإذا نبقها مثل قلال هجر " انتهى .
فإن قيل : أي ملازمة بين هذا التشبيه ، وبين ذكر القلة في حد الماء ، فالجواب أن التقييد بها في حديث المعراج ، دال على أنها كانت معلومة عندهم ، بحيث يضرب بها المثل في الكبر ، كما أن التقييد إذا أطلق ، إنما ينصرف إلى التقييد المعهود ، وقال الأزهري : القلال مختلفة في قرى العرب ، وقلال هجر أكبرها ، وقال : قلال الخطابي هجر مشهورة الصنعة ، معلومة المقدار ، والقلة لفظ مشترك ، وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها وهي الأواني ، تبقى مترددة بين الكبار والصغار ، والدليل على أنها من الكبار ، جعل الشارع الحد مقدرا بعدد ، فدل على أنه أشار إلى أكبرها ، لأنه لا فائدة في تقديره بقلتين صغيرتين ، مع القدرة على تقديره بواحدة كبيرة ، والله أعلم ، وقد تبين بهذا محصل البحث الرابع .
( البحث الخامس ) : في ثبوت كون القلة تزيد على قربتين ، وقد طعن في [ ص: 23 ] ذلك من الشافعية ، ابن المنذر من المالكية ، بما محصله : أنه أمر مبني على ظن بعض الرواة ، والظن ليس بواجب قبوله ، ولا سيما من مثل وإسماعيل القاضي محمد بن يحيى المجهول . لهذا لم يتفق السلف ، وفقهاء الأمصار ، على الأخذ بذلك التحديد ، فقال بعضهم : القلة يقع على الكوز والجرة كبرت أو صغرت وقيل القلة مأخوذة من استقل فلان بحمله وأقله إذا أطاقه وحمله وإنما سميت الكيزان قلالا لأنها تقل بالأيدي وقيل مأخوذة من قلة الجبل وهي أعلاه فإن قيل الأولى الأخذ بما ذكره راوي الحديث لأنه أعرف بما روى قلنا لم تتفق الرواة على ذلك فقد روى بسند صحيح عن الدارقطني عاصم بن المنذر أحد رواة هذا الحديث أنه قال القلال هي الخوابي العظام قال الخابية تسع ثلاث قرب وعن إسحاق بن راهويه قال القلتان الجرتان الكبيرتان وعن إبراهيم الأوزاعي قال القلة ما تقله اليد أي ترفعه وأخرج من طريق البيهقي قال القلة الجرة يستسقى فيها الماء والدورق ومال ابن إسحاق أبو عبيد في كتاب الطهور إلى تفسير عاصم بن المنذر وهو أولى وروى عن علي بن الجعد قال القلتان الجرتان ولم يقيدهما بالكبر وعن مجاهد عبد الرحمن بن المهدي ووكيع مثله رواه ويحيى بن آدم . ابن المنذر
( تنبيه ) : قوله : ينوبه هو بالنون ، أي يرد عليه نوبة بعد أخرى ، وحكى أن الدارقطني صحفه فقال : يثوبه بالثاء المثلثة . ابن المبارك
( تنبيه آخر ) : قوله : لم يحمل الخبث ، معناه لم ينجس بوقوع النجاسة فيه ، كما فسره في الرواية الأخرى التي رواها أبو داود وغيرهما : { وابن حبان }والتقدير : لا يقبل النجاسة ، بل يدفعها عن نفسه . ولو كان المعنى : أنه يضعف عن حمله ; لم يكن للتقييد بالقلتين معنى ، فإن ما [ ص: 24 ] دونهما أولى بذلك . وقيل : معناه لا يقبل حكم النجاسة كما في قوله تعالى: { إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا }أي لم يقبلوا حكمها .