( فصل ) : ، قال الله - تبارك وتعالى : ( والخامس التقدير اليومي ، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، وروى - رحمه الله تعالى - عن ابن جرير منيب بن عبد الله بن منيب الأزدي ، عن أبيه قال : كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، فقلنا : يا رسول الله ، وما ذاك الشأن ؟ قال : أن يغفر ذنبا [ ص: 938 ] ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين . تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية (
وروى ، عن ابن أبي حاتم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي الدرداء كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، قال من شأنه أن يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع مقاما ، ويضع آخرين . وعلقه قال الله - عز وجل : ( موقوفا . البخاري
وروى البزار ، عن - رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ابن عمر كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) قال : يغفر ذنبا ويكشف كربا . (
وله هو ، عن وابن جرير - رضي الله عنهما : إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، وعرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة ، ويحيي ويميت ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء . وروى ابن عباس ، عن ابن أبي حاتم سويد بن جبلة الفزاري قال : إن ربكم كل يوم هو في شأن ، فيعتق رقابا ، ويعطي رغابا ، ويقحم عقابا . وقال ، عن الأعمش مجاهد ، عن : ( عبيد بن عمير كل يوم هو في شأن ) [ ص: 939 ] ( الرحمن 29 ) قال : من شأنه أن يجيب داعيا ، أو يعطي سائلا ، أو يفك عانيا ، أو يشفي سقيما . وقال ، عن ابن أبي نجيح مجاهد قال : كل يوم هو يجيب داعيا ويكشف كربا ، ويجيب مضطرا ويغفر ذنبا . وقال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض ، يحيي حيا ويميت ميتا ، ويربي صغيرا ويفك أسيرا ، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم ، وقال الحسين بن فضل : هو سوق المقادير إلى المواقيت . وقال في هذه الآية : كل يوم له إلى العبيد بر جديد . أبو سليمان الداراني
وذكر البغوي - رحمه الله تعالى - قول المفسرين : من شأنه أن يحيي ويميت ، ويخلق ويرزق ، ويعز قوما ويذل قوما ، ويشفي مريضا ويفك عانيا ، ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء . وجملة القول في ذلك أن التقدير اليومي هو تأويل المقدور على العبد وإنفاذه فيه ، في الوقت الذي سبق أنه يناله فيه ، لا يتقدمه ولا يتأخره ، كما أن في الآخرة يأتي تأويل الجزاء الموعود إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، و لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ، ولهذا قال فيما ذكره عنه سفيان بن عيينة البغوي - رحمه الله تعالى : الدهر كله عند الله يومان : أحدهما مدة أيام الدنيا ، والآخر يوم القيامة ، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا الاختبار بالأمر والنهي ، والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع - يعني : وغير ذلك ، وشأن يوم القيامة الجزاء والحساب والثواب والعقاب اه .
ثم هذا التقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي ، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة ، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق ، وهو تفضيل من التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين ، والإمام المبين هو من علم الله - عز وجل ، وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى [ ص: 940 ] علم الله - عز وجل ، فانتهت الأوائل إلى أوليته ، وانتهت الأواخر إلى آخريته ( وأن إلى ربك المنتهى ) ، ( النجم 42 ) .