( حدثنا  عبد الله بن عبد الرحمن  حدثنا  عبيد الله     ) بالتصغير (  بن عبد المجيد الحنفي  ، حدثنا  عبد الرحمن  ، وهو  ابن عبد الله بن دينار  ، حدثنا  أبو حازم  عن   سهل بن سعد  أنه ) أي الشأن ( قيل له ) أي  لسهل     ( أكل ) قال  ميرك     : هو استفهام بحذف أداته انتهى .  
وفي نسخة  أكل ( رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي     ) بفتح نون وكسر قاف ، وتشديد تحتية : الدرمكة ، وهو الخبز النقي عن النخالة ، ويقال له بالفارسية : ميده ( يعني ) أي يريد  سهل  بالنقي ( الحوارى ) تفسير للنقي أدرجه الراوي في الخبز ، والحوارى بضم الحاء وتشديد الواو وراء مفتوحة ، وزعم تشديد الياء خطأ ، الذي نخل مرة بعد أخرى ، من التحوير وهو التبييض ( فقال  سهل  ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي ) أي ما رآه فضلا عن أكله ، ففيه مبالغة لا تخفى ( حتى لقي الله عز وجل ) كناية عن موته ; لأن الميت بمجرد خروج روحه تأهل للقاء ربه ورؤيته ، قال  ابن حجر     : وأجاب بعضهم عن الغاية بما يتعجب منه ، ثم من المعلوم أنه لا يلزم من نفي رؤيته عدم وجوده عند غيره ( فقيل له ) أي  لسهل     ( هل كانت لكم ) لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة التغليب ، والمراد منهم قطان  المدينة   من المهاجرين والأنصار ( مناخل ) بفتح أوله ، جمع منخل بضمتين آلة النخل على غير القياس ، وفتح الخاء لغة ( على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي      [ ص: 240 ] في زمانه ( قال : ما كانت لنا مناخل ) فيه مقابلة الجمع بالجمع ، فلا يرد أنه لا يلزم من نفي الجمع نفي المفرد ، والمراد ما كانت لنا مناخل في عهده ; ليطابق الجواب السؤال ، وليوافق ما في الواقع ، إذ بعده صلى الله عليه وسلم كانت لهم ولغيرهم مناخل ، ممن لم يثبت على حاله ; ولذا قيل : المنخل أول بدعة في الإسلام .  
وفي صحيح  مسلم  عن  الحسن  أن  عائذ بن عمرو  كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دخل على  عبد الله بن زياد  ، فقال : أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  إن شر الرعاء الحطمة  ، فإياك أن تكون منهم ، فقال له : اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب  محمد   صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل كانت لهم نخالة ، إنما كانت النخالة بعدهم ، وفي غيرهم ( فقيل : كيف كنتم تصنعون بالشعير ) أي بدقيقه مع كثرة ما فيه من النخالة ( قال : كنا ننفخه ) بضم الفاء أي نطيره إلى الهواء باليد ، أو بغيرها ( فيطير منه ) أي من الشعير ما طار ، مما فيه خفة كالتبن ، ويبقى ما فيه رزانة كالدقيق ( ثم نعجنه ) بفتح النون فكسر الجيم .  
وفي هذا بيان تركه صلى الله عليه وسلم التكلف والاهتمام بشأن الطعام ، فإنه لا يعتني به إلا أهل الحماقة والغفلة والبطالة ، وروى   البخاري  عن  سهل  نحو رواية المصنف ، وقال  ميرك     : وروي عن  سهل  في بعض طرق الحديث ،  ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه      .  
قال  العسقلاني     : أظن أن  سهلا  احترز عما كان قبل المبعث ; لأنه صلى الله عليه وسلم توجه في أيام الفترة مرتين إلى جانب  الشام   ، تاجرا ووصل إلى  بصرى   وحضر في ضيافة  بحيرا الراهب  ، وكانت  الشام   إذ ذاك مع  الروم   ، والخبز النقي عندهم كثير ، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك عندهم ، وأما بعد ظهور النبوة ، فلا شك أنه في  مكة   والطائف   والمدينة   ، وقد اشتهر أن سبيل العيش صار مضيقا عليه ، وعلى أكثر الصحابة ، اضطرارا واختيارا .  
ولو قيل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه في أواخر سني الهجرة إلى غزو  بني الأصفر   ، ووصل إلى  تبوك   ، وهي من أعمال  الشام   ، فيحتمل أنه رأى النقي في ذلك السفر أيضا .  
أجيب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفتح تلك الكورة ، ولا طالت إقامته فيها ، ولم ينقل أرباب السير أن قافلة  الشام   جاءت إلى  تبوك   في الأيام التي كان صلى الله عليه وسلم نازلا فيها .  
قلت : الظاهر أن نفي  سهل  رؤيته صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى عمله ، لا إلى ما في الواقع ، فلا يرد عليه وارد أصلا ، وروى  البزار  بسند ضعيف : "  قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه     " ، وحكى  البزار  عن بعض أهل العلم وصاحب النهاية عن   الأوزاعي  ، أنه تصغير الأرغفة وهذا أولى من خبر  الديلمي     : "  صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه     " .  
فإنه واه ومن ثمة ذكره   ابن الجوزي  في الموضوعات ، ومن خبر : "  البركة في صغر القرص     " فإنه كذب .  
كما نقل عن   النسائي     .  
				
						
						
