( حدثنا   أحمد بن منيع  حدثنا   عباد بن عباد المهلبي     )      [ ص: 243 ] بفتح اللام المشددة ( عن  مجالد     ) بكسر اللام ( عن   الشعبي     ) بفتح فسكون ، هو  عامر بن شراحيل الكوفي  ، أحد الأعلام من التابعين ، ولد في خلافة  عمر  ، قال : أدركت خمسمائة من الصحابة ، وقال : ما كتبت سوداء في بيضاء قط ، ولا حدثت بحديث إلا حفظته ، مات سنة أربع ومائة وله ثنتان وثمانون سنة ، كذا في أسماء الرجال ، لمؤلف المشكاة ( عن  مسروق     ) يقال : أنه سرق صغيرا ، ثم وجد ، فسمي  مسروقا  ، أسلم قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأدرك الصدر الأول من الصحابة ،  كأبي بكر  وعمر  وعثمان  وعلي  ،   وابن مسعود  وعائشة  رضي الله عنهم ، شهد في حرب الخوارج ، ومات  بالكوفة   سنة اثنين ومائة ، كذا في جامع الأصول ( قال :  دخلت على  عائشة  رضي الله عنها فدعت لي بطعام     ) أي أمرت خادمها أن يقدمه إلي ، قال  ميرك     : أي أضافتني ( وقالت : ما أشبع من طعام ) أي مما حضر عندي ، وقال  ابن حجر     : أي خبز ولحم ( مرتين ) ولا يخفى أن الأول أبلغ في المدعى ( فأشاء ) أي أريد ( أن أبكي ) بأن لا أدفع البكاء عن نفسي ( إلا بكيت ) أي تحزنا لتلك الشدة التي قاستها الحضرة النبوية ، أو تأسفا على فوت تلك المرتبة العلية المرضية .  
قيل : عبرت بأبكي لاستحضار صورة الحال الماضية ، وهو ليس بسديد ; لأن أبكي معمول لأشاء المستقبل فلزم كونه مستقبلا ، بخلاف بكيت بعد إلا ; لأن معناه إلا وجد ، وقيل : الفاء في " فأشاء " للتعليل ، والمعنى ما أشبع من طعام إلا بكيت ; لأني أشاء أن أبكي فالعلة توسطت بين أجزاء المعلول ، للاهتمام بشأنها ; ولإفادة الاختصاص بهما ، والأظهر أن الفاء للسببية ; لأن الذي دل عليه كلامها أن مرادها أنه ما يحصل لي من شبع ، ولا تسبب عنه مشيئتي للبكاء إلا يوجد مني فورا ، من غير تراخ ، وقيل : الفاء للتعقيب ، فإن البكاء لازم للشبع الذي يعقبه المشيئة ، وليست المشيئة لازمة للشبع ، ولذا قالت : فأشاء ولم تقتصر على : " ما أشبع من طعام إلا بكيت " ( قال ) أي : مسروق ( قلت : لم ) أي لم تشائين أن تبكي ، وفي التحقيق لم تتسبب عن الشبع تلك المشيئة المسبب عنها وجود البكاء فورا ؟ ( قالت : أذكر ) أي أشاء أن أبكي لأني أذكر ( الحال التي فارق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا ) وفي نسخة علينا ، وهي أصل السيد ، قال  ميرك  شاه : الضمير يرجع إلى الحالة المذكورة ، أي فارق على تلك الحالة من الدنيا ، وهذه النسخة أنسب بحسب المعنى ، إذ لا يخفى أن ما في أصل الكتاب يحتاج إلى توجيه وتكلف وتقدير ، انتهى .  
والظاهر أن على بمعنى عن أو التقدير متعديا ، وما رأى علينا ، وحاصله أنها قالت : كلما شبعت بكيت ، لتذكر الحال التي فارقت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينت تلك الحالة بقولها : (  والله ما شبع من خبز ولا لحم     ) تنوينهما للتنكير قصدا للعموم ، ولا زائدة لتأكيد النفي ، وإذا لم يشبع منهما فبالأولى أن لا يشبع من غيرهما ، من الأعلى كما لا يخفى ( مرتين في يوم واحد ) أي من أيام      [ ص: 244 ] عمره ، فلم يوجد يوم قط شبع فيه مرتين منهما ، ولا من أحدهما ، وفيه إشارة إلى أنه كان قد شبع من أحدهما مرة في يوم واحد ، قيل : كلمة لا في : " ولا لحم " ، تفيد  أنه صلى الله عليه وسلم ما شبع من خبز مرتين في يوم واحد وأنه ما شبع من لحم مرتين في يوم واحد   ، فعلى هذا : المقصود نفي شبعه من خبز مرتين في يوم واحد ، وأنه ما شبع من لحم مرتين في يوم واحد ، لا نفي شبعه من مجموعهما معا مرتين في يوم واحد ، فإن الأول آكد في الترجمة ، وأنسب في مزية المرتبة .  
				
						
						
