( حدثنا   محمود بن غيلان  ، حدثنا   بشر بن السري  ، عن   سفيان ) أي الثوري  ذكره  ميرك     ( عن  طلحة بن يحيى  عن   عائشة بنت طلحة  ، عن   عائشة أم المؤمنين  قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم ) أي أحيانا ( يأتيني ) أي في أول النهار ( فيقول ) أي لي كما في نسخة (  أعندك غداء     ) بفتح الغين المعجمة والدال المهملة والمد ، هو الطعام الذي يؤكل أول النهار ( فأقول لا ) أي أحيانا ( قالت ) أي  عائشة     ( فيقول ) أي حينئذ ( إني صائم ) وفي رواية صحيحة بزيادة إذن أي ناو للصوم ، فهو خبر لفظا ، وإنشاء معنى ، أو إخبار بأنه قد نوى الصوم ليتحقق النية في أكثر وقت الصوم ، ففيه دليل على إظهار العبادة لحاجة ومصلحة ، كتعليم مسألة وبيان حالة ، وعلى  جواز نية النفل قبل نصف النهار الشرعي   ، بشرط عدم استعماله في هذا اليوم قبل النية ، بما ينافي الصوم ، وبه قال  أبو حنيفة   والشافعي  والأكثرون ، وقال  مالك     : يجب التبييت لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "  لا صيام لمن لم يجمع الصيام في الليل     " ، قال : ولا دليل في : " إني صائم " ، إذ الاحتمال إني صائم إذا كما كنت ، أو أنه عزم على الفطر لعذر ثم تمم الصوم ، ولا خفاء في بعد هذا التأويل ، والخبر مقيد عندنا بالقضاء والكفارات ، وعند   الشافعي  بالفرائض ( قالت : فأتانا ) وفي نسخة صحيحة فأتاني ( يوما فقلت : يا رسول الله إنه ) أي الشأن ( أهديت ) بصيغة المجهول أي أرسلت (  لنا هدية قال : وما هي قلت : حيس     ) بحاء مهملة مفتوحة      [ ص: 280 ] وتحتية ساكنة بعدها سين مهملة ، هو التمر مع السمن والأقط ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت ، ثم يدلك حتى يختلط ، وأصل الحيس الخلط ( قال أما ) بالتخفيف للتنبيه (  إني أصبحت صائما     ) أي مريدا للصوم وقاصدا له من غير صدور نية جازمة ، ( قالت : ثم أكل ) وإنما حملناه على المعنى المجازي ; لأنه يلزم النفل بالشروع في الصوم والصلاة وغيرهما ، فيجب إتمامه ويلزمه القضاء إن أفطر ; لقوله تعالى :  ولا تبطلوا أعمالكم   ويمكن أنه كان صائما ثم أكل لضرورة ، ويدل عليه حديث  عائشة  أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالقضاء لما أكلت في صوم نفل  ، والحديث المرسل حجة عند الجمهور ، وحمل الشافعية الأمر على الاستحباب خلاف الأصل فإنه للوجوب ، مع أن الحديث المتصل ليس بصريح في المقصود ، وأما حديث : "  المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر     " . فمعناه أنه أمير نفسه قبل الشروع ، ولو كان عادته ذلك الفعل تطوعا ، وقد أجمع العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم ، فكذا غيرهما من العبادات ، وإلا فيلزم الملعبة في الصلاة مثلا بأن يشرعها ويقطعها .  
				
						
						
