( حدثنا يحيى بن موسى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا ) كان [ ص: 287 ] يبيع البز الدستوائية فنسب إليها ( عن بديل ) بضم موحدة ، وفتح مهملة ( هشام الدستوائي ) بالتصغير ( عن العقيلي عبد الله بن عبيد بن عمير ) بتصغيرهما ( عن أم كلثوم ) قيل : هي الليثية المكية ، وقيل : تيمية بنت محمد بن أبي بكر الصديق ( عن عائشة ) قال في التقريب : روى عبد الله بن عبيد بن عمير عن أم كلثوم ، عن عائشة وروى ، عن حجاج بن أرطأة أم كلثوم ، عن عائشة في الاستحاضة ، وروى عمر بن عاصم عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام ، فلا أدري هل الجميع واحد أم لا ، ذكره ميرك ، وذكر صاحب المشكاة في أسمائه ، أنها بنت عقبة بن أبي معيط ، أسلمت بمكة وهاجرت ماشية ، وبايعت ( قالت ) أي عائشة رضي الله عنها ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أكل أحدكم فنسي ) بفتح النون وكسر السين المخففة ، ففيه بيان الجواز ليدل على أن النهي الوارد أن يقول الإنسان نسيت ، وإنما يقول أنسيت إذ الله هو الذي أنساه تنزيهي ، فإن المراد به الأدب اللفظي الذي لا حرمة في مخالفته ، وقد قال تعالى : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي والمعنى ترك ناسيا ( أن يذكر الله على طعامه ) أي الذي يريد أن يأكله ، وفي نسخة على الطعام ، والمعنى أنه إذا نسي حين الشروع في الأكل ، ثم تذكر في أثنائه أنه ترك التسمية أولا ( فليقل ) أي ندبا ( بسم الله ) الباء للاستعانة أو المصاحبة ( أوله وآخره ) بفتح اللام والراء على أنهما منصوبان على الظرفية ، أي في أوله وآخره على جميع أجزائه ، كما يشهد به المعنى الذي قصد له التسمية ، فلا يقال ذكرهما يخرج الوسط ، فهو كقوله تعالى : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا مع قوله تعالى : أكلها دائم ويمكن أن يقال : المراد بأوله النصف الأول ، وبآخره النصف الثاني ، فلا واسطة أو على أنهما مفعولا فعل محذوف ، أي : أكلت أوله وآكل آخره مستعينا بالله ، كذا ذكره ميرك ، وهو أولى من قول الطيبي : أي أكل . بسم الله أوله وآخره مستعينا به ، قيل : فيكون الجار والمجرور حالا من فاعل الفعل المقدر ، وأورد عليه أن أكل أوله ليس في زمان الاستعانة بسم الله ; لأنه ليس في وقت أكل أوله مستعينا به ، إلا أن يقال أنه في وقت أكل أوله مستعين به حكما ; لأن حال المؤمن وشأنه هو الاستعانة به في جميع أحواله وأفعاله ، وإن لم يجر اسم الله على لسانه لنسيانه ، وهو معفو عنه ، ويدل عليه أن النسيان في ترك التسمية حال الذبح معفو ، مع أنها شرط ، فكيف والتسمية مستحبة في الأكل إجماعا ، وبهذا يظهر بطلان شارح قال : فنسي أو ترك على وجه ، فإن الناسي معذور ، فأمكن أن يجعل له ما يتدارك به ما فاته ، بخلاف التعمد ، وقال ابن حجر : وألحق به أئمتنا ما إذا تعمد أو جهل أو كره انتهى .
أما العمد فقد عرفته ، وأما الجهل ، فكيف يتصور أن يقال إذا ترك ذكر الله في أول أكله جهلا بكون التسمية سنة ، فليقل في أثنائه بسم الله ، اللهم إلا أن يقال إذا علم المسألة في أثنائه ، ولا يخفى ندرته ، على أنا نقول : إن الجهل عذر كالنسيان بخلاف [ ص: 288 ] التعمد فلا يستويان في الحكم ، وأما الإكراه فأشد منهما عذرا ، مع أنه لا يتصور منعه عن البسملة إلا جهرا أو لسانا ، فحينئذ يكتفي بذكر الله قلبا ، فأين هذا من التعمد ، وفي المحيط لو قال : لا إله إلا الله ، أو الحمد لله ، أو أشهد أن لا إله إلا الله ، يصير مقيما للسنة ، يعني في أول الوضوء ، فكذا في أول الأكل ، قال ابن الهمام .
فرع .
، فسمى لا تحصل السنة ، بخلاف نحوه في الأكل كذا في الغاية ، معللا بأن الوضوء عمل واحد ، بخلاف الأكل ، وهو إنما يستلزم في الأكل تحصيل السنة في الباقي لاستدراك ما فات ، انتهى . نسي التسمية فذكرها في خلال الوضوء
وهو ظاهر في أنه لو لا يكون آتيا بالسنة ، لكن لا يخلو عن الفائدة ، وقال سمى بعد فراغ الأكل ابن حجر : يشمله إطلاق الحديث ، فقول بعض المتأخرين : لا يقول ذلك بعد فراغ الطعام ; لأنه إنما شرع ليمنع الشيطان وبالفراغ لا يمنع ، مردود بأنا لا نسلم أنه لذلك فحسب ، وما المانع من أنه شرع بعد الفراغ أيضا ليقيء الشيطان ما أكله ، والمقصود حصول ضرره ، وهو حاصل في الحالين ، انتهى .
وفيه أنه لو كان لهذا الغرض أيضا لأمر من قعد للأكل ، ولم يسم سابقا بالتسمية لاحقا ، وأيضا في حديث الاستقاء تقييد يفاد منه أن المراد به الأثناء ، وهو ما رواه أبو داود عن أمية بن مخشي ، قال : ، انتهى . وظاهر أنه كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فيرد به القول بأن التسمية سنة كفاية ، وحمله على أنه كان يأكل وحده أو كان ملحقا بهم في غاية من البعد . كان رجل يأكل فلم يسم ، حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة ، فلما رفعها إلى فيه ، قال : بسم الله أوله وآخره ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ما زال الشيطان يأكل معه ، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه