( حدثنا   محمد بن بشار  ، حدثنا   محمد بن جعفر  ، حدثنا  شعبة  ، عن  أبي إسحاق  عن ،   الأسود بن يزيد  قال : سألت  عائشة  رضي الله عنها عن  صلاة رسول الله      - صلى الله عليه وسلم - ) أي : من التهجد والوتر ( بالليل ) أي : في أي : وقت كان منها ( فقالت : كان ينام أول الليل ) أي : بعد صلاة العشاء الواقعة أحيانا بعد نصفه الأول ( ثم يقوم ) أي : السدس الرابع والخامس للتهجد ، وفي رواية ويحيى آخره ( فإذا كان من السحر ) وهو السدس الأخير ( أوتر ) قال  ابن حجر     : أي : صلى ركعة الوتر ، والصواب أن يقال صلى الوتر ليشمل المذهبين إذ لا دلالة فيه على أنه صلى ركعة أو ركعات ، وسيأتي بيانه مفصلا إن شاء الله تعالى ، وعن  علي  رضي الله عنه مرفوعا : "  كان يوتر بثلاث يقرأ فيهن تسع سور من المفصل يقرأ في كل ركعة بثلاث سور آخرهن قل هو الله أحد     " رواه المصنف عن   ابن عباس  أنه - صلى الله عليه وسلم -  كان يقرأ في الأولى : بسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية : بقل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة : بقل هو الله أحد والمعوذتين  رواه  أبو داود  ، والمصنف قال  الحنفي     : كان في هذا الحديث اختصار حيث لم يذكر الصلاة قبل الوتر ، ولا يبعد أن يكون قوله ثم يقوم إشارة إليه ، وقد ثبت عند  مسلم  عن  عائشة  أنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ، وركعتا الفجر ، وقد ثبت عند   البخاري  عن  مسروق  قال : سألت  عائشة  عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت : سبع وتسع وإحدى عشرة ركعة سوى ركعتي الفجر (  ثم أتى فراشه ) أي : في النوم ; فإنه يستحب في السدس السادس ليتقوى بها على صلاة الصبح ، وما بعدها من وظائف الطاعات ; ولأنه يدفع صفرة السهر عن الوجه ( فإذا ) وفي نسخة فإن ( كان ) ، وفي نسخة كانت ( له حاجة ) أي : في مباشرة ( ألم بأهله ) أي : قرب منهم لذلك قال  ميرك     : في أكثر الروايات ثم إن كانت له حاجة قال بعض الشارحين : في كلمة ثم فائدة ، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته من نسائه بعد إحياء الليل بالتهجد ; فإن الجدير بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أداء العبادة قبل قضاء الشهوة قال  الطيبي     : ويمكن أن يقال ثم هنا لتراخي الأخبار ، أخبرت أولا أن عادته عليه السلام كانت مستمرة بنوم أول الليل ، وقيام آخره ثم اتفق أحيانا أن يقضي حاجته من نسائه ، فيقضي حاجته ثم ينام في كلتا الحالتين ( فإذا سمع الأذان ) أي : فإن انتبه عند النداء الأول ( وثب ) أي : قام بسرعة      [ ص: 83 ] وخفة أو قعد على لغة قبيلة حمير ; فإن الوثوب عندهم بمعنى القعود ( فإن كان جنبا أفاض عليه الماء ) أي : اغتسل ( وإلا توضأ ) أي : وإن لم يكن جنبا فتوضأ وضوءا جديدا لأن نومه لا ينقض كذا قيل ، واعترض بأن الجزم بذلك تساهل إذ يحتمل هذا ويحتمل أنه حصل له ناقض آخر فتوضأ منه ( وخرج إلى الصلاة ) أي : بعد أن صلى سنة الفجر في البيت ، والحديث رواه الشيخان أيضا ، ولفظهما كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه ، فإذا أذن المؤذن وثب ; فإن كانت به حاجة اغتسل ، وإلا فتوضأ وخرج وقد أغرب  الحنفي  حيث قال : هذا بظاهره يدل على أن حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صورة إلمامه بأهله كانت منحصرة في الغسل ، والوضوء كما رواه  مالك   والشافعي  عن   ابن عمر     - رضي الله عنهما - : "  من قبل امرأته أو مسها بيده فعليه الوضوء     " انتهى .  
وهو خطأ فاحش ; فإن المراد بالإلمام هو الجماع بالإجماع ، فقوله : " منحصرة في الغسل والوضوء " ، غير صحيح هذا ، وقد صرح - صلى الله عليه وسلم - بأن "  أفضل القيام قيام  داود   عليه السلام كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه وينام سدسه     " وفيه أن الأولى تأخير الجماع عن ابتداء النوم ليكون على طهارة ، وأنه ينبغي الاهتمام بالعبادة ، وعدم التكاسل عنها بالنوم ، والقيام بالنشاط للطاعة ، وعن  عائشة  أيضا : "  ما صلى - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل بيتي إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات     " رواه  أبو داود  ، وأيضا ورد في الصحيحين أنه كان يقوم إذا سمع الصارخ أي : الديك وهو يصيح في النصف الثاني ، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - : "  كان ربما اغتسل في أول الليل ، وربما اغتسل في آخره ، وربما أوتر في أول الليل ، وربما في آخره وربما جهر بالقراءة ، وربما خافت     " . وعن   أم سلمة     : "  كان يصلي بنا ثم ينام قدر ما يصلي ، ثم يصلي قدر ما نام ، ثم ينام قدر ما صلى ، حتى يصبح     " . رواه  أبو داود   والترمذي   والنسائي  ، وفي رواية   للنسائي     : "  كان يصلي العتمة ثم يسبح ، ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل ، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى ، ثم يستيقظ من نومه ذلك فيصلي قدر ما نام ، وصلاته تلك الآخرة إلى الصبح     " .  
				
						
						
